فصل
[1] .
قال الرافضي
[2] : "
nindex.php?page=treesubj&link=28833_57وكمسح الرجلين الذي نص الله تعالى عليه
[ ص: 171 ] في كتابه [ العزيز ]
[3] فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) [ سورة المائدة : 6 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس [4] : عضوان مغسولان ، وعضوان ممسوحان ، [ فغيروه ]
[5] وأوجبوا الغسل " .
فيقال : الذين نقلوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الوضوء
[6] قولا وفعلا ، والذين تعلموا الوضوء منه وتوضئوا على عهده ، [ وهو يراهم ويقرهم عليه ]
[7] ، ونقلوه إلى من بعدهم ، أكثر عددا
[8] من الذين نقلوا لفظ هذه الآية ، فإن جميع المسلمين كانوا يتوضئون على عهده ، ولم يتعلموا الوضوء إلا منه - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإن هذا العمل لم يكن معهودا عندهم في الجاهلية ، وهم قد رأوه يتوضأ ما لا يحصي عدده إلا الله تعالى ، ونقلوا عنه ذكر غسل الرجلين فيما شاء الله من الحديث ، حتى نقلوا عنه من غير وجه في الصحاح وغيرها أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=883666ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار "
[9] ، مع أن الفرض إذا كان مسح ظهر القدم ، كان
[ ص: 172 ] غسل الجميع كلفة لا تدعو إليها الطباع ،
[10] كما تدعو الطباع إلى طلب الرئاسة والمال
[11] ؛ فإن جاز أن يقال : إنهم كذبوا وأخطئوا فيما نقلوه عنه من ذلك ، كان الكذب والخطأ فيما نقل
[12] من لفظ الآية أقرب إلى الجواز .
وإن قيل : بل لفظ
[13] الآية ثبت بالتواتر الذي لا يمكن الخطأ فيه ، فثبوت التواتر في نقل
[14] الوضوء عنه أولى وأكمل ، ولفظ الآية لا يخالف ما تواتر من السنة ، فإن المسح جنس تحته نوعان : الإسالة ، وغير الإسالة ، كما تقول العرب : تمسحت للصلاة ، فما كان بالإسالة فهو الغسل ، وإذا خص أحد النوعين باسم الغسل فقد يخص النوع الآخر باسم المسح ، فالمسح يقال على المسح العام الذي يندرج فيه الغسل ، ويقال على الخاص الذي لا يندرج فيه الغسل .
ولهذا نظائر كثيرة ، مثل لفظ " ذوي الأرحام " فإنه يعم العصبة [ كلهم ]
[15] وأهل الفروض وغيرهم ، ثم لما كان للعصبة وأصحاب
[ ص: 173 ] الفروض اسم يخصهما ، بقي لفظ " ذوي الأرحام " مختصا في العرف بمن لا يرث بفرض ولا تعصيب
[16] .
وكذلك لفظ " الجائز " و " المباح " يعم ما ليس بحرام . ثم قد يختص بأحد الأقسام الخمسة
[17] . وكذلك لفظ " الممكن " يقال
[18] على ما ليس بممتنع ، ثم يخص
[19] بما ليس بواجب ولا ممتنع ، فيفرق بين الواجب والجائز والممكن العام والخاص . وكذلك لفظ " الحيوان " [ ونحوه ]
[20] يتناول الإنسان وغيره ، ثم قد يختص بغير الإنسان .
ومثل هذا كثير : إذا كان لأحد النوعين اسم يخصه ، بقي الاسم العام مختصا بالنوع الآخر . ولفظ " المسح " من هذا الباب . وفي القرآن ما يدل على أنه لم يرد بمسح الرجلين المسح الذي هو قسيم الغسل ، بل المسح الذي الغسل قسم منه ، فإنه قال
[21] : ( إلى الكعبين ) ولم يقل : إلى الكعاب ، كما قال : ( إلى المرافق ) ، فدل على أنه ليس في كل رجل
[22] كعب واحد ، كما في كل يد مرفق واحد ، بل في كل رجل كعبان ، فيكون
[ ص: 174 ] تعالى قد أمر بالمسح إلى العظمين الناتئين وهذا هو الغسل فإن من يمسح المسح الخاص يجعل المسح لظهور القدمين وفي ذكره الغسل في العضوين الأولين والمسح في الآخرين ، التنبيه على أن هذين العضوين يجب فيهما المسح العام ، فتارة يجزئ المسح الخاص ، كما في مسح الرأس والعمامة والمسح على الخفين ، وتارة لا بد من المسح الكامل الذي هو غسل
[23] ، كما في الرجلين المكشوفتين .
وقد تواترت السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمسح على الخفين وبغسل
[24] الرجلين .
والرافضة تخالف هذه السنة المتواترة ، كما تخالف
الخوارج نحو ذلك ، مما يتوهمون أنه مخالف لظاهر القرآن ، بل
nindex.php?page=treesubj&link=57_479تواتر غسل الرجلين والمسح على الخفين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
[25] أعظم من تواتر قطع اليد في ربع دينار ، أو ثلاثة دراهم ، أو عشرة دراهم ، أو نحو ذلك .
وفي ذكر المسح على الرجلين تنبيه على قلة الصب في الرجل ، فإن السرف يعتاد فيهما كثيرا ، وفيه اختصار للكلام
[26] ، فإن
[27] المعطوف والمعطوف عليه إذا كان فعلاهما من جنس واحد اكتفي بذكر أحد النوعين ، كقوله :
[ ص: 175 ] علفتها تبنا وماء باردا حتى غدت همالة عيناها
والماء يسقى ، لا يقال : علفت الماء ، لكن العلف والسقي
[28] يجمعهما معنى الإطعام . وكذلك قوله :
ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحا
أي : ومعتقلا
[29] رمحا ، لكن التقلد
[30] والاعتقال يجمعهما معنى الحمل .
وكذلك قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=17يطوف عليهم ولدان مخلدون ،
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=18بأكواب وأباريق وكأس من معين ) [ سورة الواقعة : 17 ، 18 ] إلى قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=22وحور عين ) [ سورة الواقعة : 22 ] . والحور العين لا يطاف بهن
[31] ، ولكن المعنى : يؤتى بهذا وبهذا . وهم قد يحذفون ما يدل الظاهر على جنسه لا على نفسه ، كما في قوله تعالى
[32] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ) [ سورة الإنسان : 31 ] . والمعنى : يعذب الظالمين .
وهذه الآية فيها قراءتان مشهورتان : الخفض والنصب ، فالذين قرءوا بالنصب ، قال غير واحد منهم : أعاد الأمر إلى الغسل ، أي : وامسحوا برءوسكم ، واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين ، والقراءتان
[33] كالآيتين . ومن قال : إنه عطف على
[ ص: 176 ] محل الجار والمجرور ، يكون المعنى : وامسحوا برءوسكم ، وامسحوا أرجلكم إلى الكعبين . وقولهم
[34] : مسحت الرجل ، ليس مرادفا لقوله
[35] : مسحت بالرجل ، فإنه إذا عدي بالباء أريد به
[36] معنى الإلصاق ، أي ألصقت به شيئا . وإذا قيل : مسحته ، لم يقتض ذلك أن يكون ألصقت به شيئا ، وإنما يقتضي مجرد المسح ، وهو لم يرد مجرد المسح
[37] باليد بالإجماع ، فتعين أنه إذا
[38] مسحه بالماء ، وهو مجمل ، فسرته السنة ، كما في قراءة الجر .
وفي الجملة
nindex.php?page=treesubj&link=57فالقرآن ليس فيه نفي إيجاب الغسل ، بل فيه إيجاب المسح ، فلو قدر أن السنة أوجبت قدرا زائدا على ما أوجبه القرآن لم يكن في هذا رفعا لموجب القرآن ، فكيف إذا فسرته وبينت معناه ؟ وهذا مبسوط في موضعه .
وفي الجملة فيعلم أن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - هي التي تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه ، فالسنة المتواترة
[39] تقضي على ما يفهمه بعض الناس من ظاهر القرآن ، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين للناس لفظ القرآن ومعناه ، كما قال
أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذين كانوا يقرءون القرآن :
عثمان [40] بن عفان nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود وغيرهم ، أنهم
[ ص: 177 ] كانوا إذا تعلموا من النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر آيات لم يجاوزوها
[41] حتى يتعلموا
[42] معناها .
وما تقوله
الإمامية من
[43] أن الفرض مسح الرجلين إلى الكعبين اللذين هما مجتمع
[44] الساق والقدم عند معقد الشراك
[45] ، أمر لا يدل عليه القرآن بوجه من الوجوه ، ولا فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث يعرف
[46] ، ولا هو معروف عن سلف الأمة ، بل هم مخالفون للقرآن والسنة المتواترة ، ولإجماع السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان
[47] .
فإن لفظ القرآن يوجب المسح بالرءوس
[48] وبالأرجل إلى الكعبين ، مع إيجابه لغسل الوجوه والأيدي
[49] إلى المرافق ، فكان في ظاهره ما يبين
[50] أن في كل يد مرفقا ، وفي كل رجل كعبين فهذا على قراءة الخفض ، وأما قراءة النصب فالعطف إنما يكون على المحل
[51] إذا كان المعنى واحدا ، كقول الشاعر :
[ ص: 178 ] معاوي إننا بشر فأسجح فلسنا بالجبال ولا الحديدا
[52] فلو كان
[53] معنى قوله : مسحت برأسي ورجلي ، هو : معنى مسحت رأسي ورجلي ، لأمكن كون العطف
[54] على المحل . والمعنى مختلف
[55] ؛ فعلم أن قوله : " وأرجلكم " بالنصب ، عطف على : وأيديكم ، كما قاله الذين قرءوه كذلك .
وحينئذ فهذه القراءة نص في وجوب الغسل ، وليس في واحدة من القراءتين ما يدل ظاهرها
[56] على قولهم ، فعلم أن القوم لم يتمسكوا [ إلا ] بظاهر القرآن
[57] ، وهذا حال سائر أهل الأقوال الضعيفة الذين يحتجون بظاهر
[ ص: 179 ] القرآن على ما يخالف السنة إذا خفي الأمر عليهم ، [ مع أنه ]
[58] لم يوجد في ظاهر القرآن ما يخالف السنة ، كمن قال من الخوارج : لا نصلي
[59] في سفر
[60] إلا أربعا
[61] ، ومن قال : إن الأربع أفضل في السفر
[62] من الركعتين
[63] . ومن قال : لا نحكم بشاهد ويمين .
وقد بسط الكلام على ذلك [ في مواضع ] وبين
[64] أن ما دل عليه ظاهر القرآن حق ، وأنه ليس بعام مخصوص ، فإنه ليس هناك عموم لفظي ، وإنما هو مطلق ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين ) [ سورة التوبة : 5 ] فإنه عام في الأعيان ، مطلق في الأحوال ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم ) [ سورة النساء : 11 ] عام في الأولاد ، مطلق في الأحوال .
ولفظ " الظاهر " يراد به ما قد يظهر
[65] للإنسان ، وقد يراد به ما يدل عليه اللفظ . فالأول يكون بحسب فهوم
[66] الناس . وفي القرآن مما
[67] يخالف الفهم الفاسد شيء كثير ، وأما الثاني فالكلام فيه .
فَصْلٌ
[1] .
قَالَ الرَّافِضِيُّ
[2] : "
nindex.php?page=treesubj&link=28833_57وَكَمَسْحِ الرِّجْلَيْنِ الَّذِي نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ
[ ص: 171 ] فِي كِتَابِهِ [ الْعَزِيزِ ]
[3] فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) [ سُورَةِ الْمَائِدَةِ : 6 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ [4] : عُضْوَانِ مَغْسُولَانِ ، وَعُضْوَانِ مَمْسُوحَانِ ، [ فَغَيَّرُوهُ ]
[5] وَأَوْجَبُوا الْغَسْلَ " .
فَيُقَالُ : الَّذِينَ نَقَلُوا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوُضُوءَ
[6] قَوْلًا وَفِعْلًا ، وَالَّذِينَ تَعَلَّمُوا الْوُضُوءَ مِنْهُ وَتَوَضَّئُوا عَلَى عَهْدِهِ ، [ وَهُوَ يَرَاهُمْ وَيُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ ]
[7] ، وَنَقَلُوهُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ ، أَكْثَرُ عَدَدًا
[8] مِنَ الَّذِينَ نَقَلُوا لَفْظَ هَذِهِ الْآيَةِ ، فَإِنَّ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ عَلَى عَهْدِهِ ، وَلَمْ يَتَعَلَّمُوا الْوُضُوءَ إِلَّا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؛ فَإِنَّ هَذَا الْعَمَلَ لَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا عِنْدَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَهُمْ قَدْ رَأَوْهُ يَتَوَضَّأُ مَا لَا يُحْصِي عَدَدَهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، وَنَقَلُوا عَنْهُ ذِكْرَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِيمَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْحَدِيثِ ، حَتَّى نَقَلُوا عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=883666وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ وَبُطُونِ الْأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ "
[9] ، مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ إِذَا كَانَ مَسْحَ ظَهْرِ الْقَدَمِ ، كَانَ
[ ص: 172 ] غَسْلُ الْجَمِيعِ كَلَفَةً لَا تَدْعُو إِلَيْهَا الطِّبَاعُ ،
[10] كَمَا تَدْعُو الطِّبَاعُ إِلَى طَلَبِ الرِّئَاسَةِ وَالْمَالِ
[11] ؛ فَإِنْ جَازَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُمْ كَذَبُوا وَأَخْطَئُوا فِيمَا نَقَلُوهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ ، كَانَ الْكَذِبُ وَالْخَطَأُ فِيمَا نُقِلَ
[12] مِنْ لَفْظِ الْآيَةِ أَقْرَبَ إِلَى الْجَوَازِ .
وَإِنْ قِيلَ : بَلْ لَفْظُ
[13] الْآيَةِ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الْخَطَأُ فِيهِ ، فَثُبُوتُ التَّوَاتُرِ فِي نَقْلِ
[14] الْوُضُوءِ عَنْهُ أَوْلَى وَأَكْمَلُ ، وَلَفْظُ الْآيَةِ لَا يُخَالِفُ مَا تَوَاتَرَ مِنَ السُّنَّةِ ، فَإِنَّ الْمَسْحَ جِنْسٌ تَحْتَهُ نَوْعَانِ : الْإِسَالَةُ ، وَغَيْرُ الْإِسَالَةِ ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ : تَمَسَّحْتُ لِلصَّلَاةِ ، فَمَا كَانَ بِالْإِسَالَةِ فَهُوَ الْغَسْلُ ، وَإِذَا خُصَّ أَحَدُ النَّوْعَيْنِ بِاسْمِ الْغَسْلِ فَقَدْ يُخَصُّ النَّوْعُ الْآخَرُ بِاسْمِ الْمَسْحِ ، فَالْمَسْحُ يُقَالُ عَلَى الْمَسْحِ الْعَامِّ الَّذِي يَنْدَرِجُ فِيهِ الْغَسْلُ ، وَيُقَالُ عَلَى الْخَاصِّ الَّذِي لَا يَنْدَرِجُ فِيهِ الْغَسْلُ .
وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ ، مِثْلُ لَفْظِ " ذَوِي الْأَرْحَامِ " فَإِنَّهُ يَعُمُّ الْعُصْبَةَ [ كُلَّهُمْ ]
[15] وَأَهْلَ الْفُرُوضِ وَغَيْرَهُمْ ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ لِلْعُصْبَةِ وَأَصْحَابِ
[ ص: 173 ] الْفُرُوضِ اسْمٌ يَخُصُّهُمَا ، بَقِيَ لَفْظُ " ذَوِي الْأَرْحَامِ " مُخْتَصًّا فِي الْعُرْفِ بِمَنْ لَا يَرِثُ بِفَرْضٍ وَلَا تَعْصِيبٍ
[16] .
وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْجَائِزِ " وَ " الْمُبَاحِ " يَعُمُّ مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ . ثُمَّ قَدْ يَخْتَصُّ بِأَحَدِ الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ
[17] . وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْمُمْكِنِ " يُقَالُ
[18] عَلَى مَا لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ ، ثُمَّ يُخَصُّ
[19] بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مُمْتَنِعٍ ، فَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالْجَائِزِ وَالْمُمْكِنِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ . وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْحَيَوَانِ " [ وَنَحْوِهِ ]
[20] يَتَنَاوَلُ الْإِنْسَانَ وَغَيْرَهُ ، ثُمَّ قَدْ يَخْتَصُّ بِغَيْرِ الْإِنْسَانِ .
وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ : إِذَا كَانَ لِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ اسْمٌ يَخُصُّهُ ، بَقِيَ الِاسْمُ الْعَامُّ مُخْتَصًّا بِالنَّوْعِ الْآخَرِ . وَلَفْظُ " الْمَسْحِ " مِنْ هَذَا الْبَابِ . وَفِي الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِمَسْحِ الرِّجْلَيْنِ الْمَسْحَ الَّذِي هُوَ قَسِيمُ الْغَسْلِ ، بَلِ الْمَسْحَ الَّذِي الْغَسْلُ قِسْمٌ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ قَالَ
[21] : ( إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) وَلَمْ يَقُلْ : إِلَى الْكِعَابِ ، كَمَا قَالَ : ( إِلَى الْمَرَافِقِ ) ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي كُلِّ رِجْلٍ
[22] كَعْبٌ وَاحِدٌ ، كَمَا فِي كُلِّ يَدٍ مِرْفَقٌ وَاحِدٌ ، بَلْ فِي كُلِّ رِجْلٍ كَعْبَانِ ، فَيَكُونُ
[ ص: 174 ] تَعَالَى قَدْ أَمَرَ بِالْمَسْحِ إِلَى الْعَظْمَيْنِ النَّاتِئَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْغَسْلُ فَإِنَّ مَنْ يَمْسَحُ الْمَسْحَ الْخَاصَّ يَجْعَلُ الْمَسْحَ لِظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ وَفِي ذِكْرِهِ الْغَسْلُ فِي الْعُضْوَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَالْمَسْحُ فِي الْآخَرَيْنِ ، التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ يَجِبُ فِيهِمَا الْمَسْحُ الْعَامُّ ، فَتَارَةً يُجْزِئُ الْمَسْحُ الْخَاصُّ ، كَمَا فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَالْعِمَامَةِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ ، وَتَارَةً لَا بُدَّ مِنَ الْمَسْحِ الْكَامِلِ الَّذِي هُوَ غَسْلٌ
[23] ، كَمَا فِي الرِّجْلَيْنِ الْمَكْشُوفَتَيْنِ .
وَقَدْ تَوَاتَرَتِ السُّنَّةُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَبِغَسْلِ
[24] الرِّجْلَيْنِ .
وَالرَّافِضَةُ تُخَالِفُ هَذِهِ السُّنَّةَ الْمُتَوَاتِرَةَ ، كَمَا تُخَالِفُ
الْخَوَارِجُ نَحْوَ ذَلِكَ ، مِمَّا يَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ ، بَلْ
nindex.php?page=treesubj&link=57_479تَوَاتُرُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
[25] أَعْظَمُ مِنْ تَوَاتُرِ قَطْعِ الْيَدِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ ، أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ ، أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ .
وَفِي ذِكْرِ الْمَسْحِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ تَنْبِيهٌ عَلَى قِلَّةِ الصَّبِّ فِي الرِّجْلِ ، فَإِنَّ السَّرَفَ يُعْتَادُ فِيهِمَا كَثِيرًا ، وَفِيهِ اخْتِصَارٌ لِلْكَلَامِ
[26] ، فَإِنَّ
[27] الْمَعْطُوفَ وَالْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ فِعْلَاهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ اكْتُفِيَ بِذِكْرِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ ، كَقَوْلِهِ :
[ ص: 175 ] عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا حَتَّى غَدَتْ هَمَّالَةً عَيْنَاهَا
وَالْمَاءُ يُسْقَى ، لَا يُقَالُ : عَلَفْتُ الْمَاءَ ، لَكِنَّ الْعَلْفَ وَالسَّقْيَ
[28] يَجْمَعُهُمَا مَعْنَى الْإِطْعَامِ . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
وَرَأَيْتِ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا
أَيْ : وَمُعْتَقِلًا
[29] رُمْحًا ، لَكِنَّ التَّقَلُّدَ
[30] وَالِاعْتِقَالَ يَجْمَعُهُمَا مَعْنَى الْحَمْلِ .
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=17يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=18بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ) [ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ : 17 ، 18 ] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=22وَحُورٌ عِينٌ ) [ سُورَةِ الْوَاقِعَةِ : 22 ] . وَالْحَوَرُ الْعَيْنُ لَا يُطَافُ بِهِنَّ
[31] ، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى : يُؤْتَى بِهَذَا وَبِهَذَا . وَهُمْ قَدْ يَحْذِفُونَ مَا يَدُلُّ الظَّاهِرُ عَلَى جِنْسِهِ لَا عَلَى نَفْسِهِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
[32] : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) [ سُورَةِ الْإِنْسَانِ : 31 ] . وَالْمَعْنَى : يُعَذِّبُ الظَّالِمِينَ .
وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ : الْخَفْضُ وَالنَّصْبُ ، فَالَّذِينَ قَرَءُوا بِالنَّصْبِ ، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ : أَعَادَ الْأَمْرَ إِلَى الْغَسْلِ ، أَيْ : وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ، وَاغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، وَالْقِرَاءَتَانِ
[33] كَالْآيَتَيْنِ . وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ عَطْفٌ عَلَى
[ ص: 176 ] مَحَلِّ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ ، يَكُونُ الْمَعْنَى : وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ، وَامْسَحُوا أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ . وَقَوْلُهُمْ
[34] : مَسَحْتُ الرِّجْلَ ، لَيْسَ مُرَادِفًا لِقَوْلِهِ
[35] : مَسَحْتُ بِالرِّجْلِ ، فَإِنَّهُ إِذَا عُدِّيَ بِالْبَاءِ أُرِيدَ بِهِ
[36] مَعْنَى الْإِلْصَاقِ ، أَيْ أَلْصَقْتَ بِهِ شَيْئًا . وَإِذَا قِيلَ : مَسَحْتُهُ ، لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَلْصَقْتَ بِهِ شَيْئًا ، وَإِنَّمَا يَقْتَضِي مُجَرَّدَ الْمَسْحِ ، وَهُوَ لَمْ يُرِدْ مُجَرَّدَ الْمَسْحِ
[37] بِالْيَدِ بِالْإِجْمَاعِ ، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ إِذَا
[38] مَسَحَهُ بِالْمَاءِ ، وَهُوَ مُجْمَلٌ ، فَسَّرَتْهُ السُّنَّةُ ، كَمَا فِي قِرَاءَةِ الْجَرِّ .
وَفِي الْجُمْلَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=57فَالْقُرْآنُ لَيْسَ فِيهِ نَفْيُ إِيجَابِ الْغَسْلِ ، بَلْ فِيهِ إِيجَابُ الْمَسْحِ ، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ السُّنَّةَ أَوْجَبَتْ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الْقُرْآنُ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا رَفْعًا لِمُوجِبِ الْقُرْآنِ ، فَكَيْفَ إِذَا فَسَّرَتْهُ وَبَيَّنَتْ مَعْنَاهُ ؟ وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ .
وَفِي الْجُمْلَةِ فَيُعْلَمُ أَنَّ سُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ الَّتِي تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ وَتُبَيِّنُهُ وَتَدُلُّ عَلَيْهِ وَتُعَبِّرُ عَنْهُ ، فَالسُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ
[39] تَقْضِي عَلَى مَا يَفْهَمُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ ، فَإِنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ لِلنَّاسِ لَفْظَ الْقُرْآنِ وَمَعْنَاهُ ، كَمَا قَالَ
أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ : حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ :
عُثْمَانُ [40] بْنُ عَفَّانَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُمْ ، أَنَّهُمْ
[ ص: 177 ] كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوهَا
[41] حَتَّى يَتَعَلَّمُوا
[42] مَعْنَاهَا .
وَمَا تَقَوَّلَهُ
الْإِمَامِيَّةُ مِنْ
[43] أَنَّ الْفَرْضَ مَسْحُ الرِّجْلَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا مُجْتَمَعُ
[44] السَّاقِ وَالْقَدَمِ عِنْدَ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ
[45] ، أَمْرٌ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، وَلَا فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثٌ يُعْرَفُ
[46] ، وَلَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ ، بَلْ هُمْ مُخَالِفُونَ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ ، وَلِإِجْمَاعِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ
[47] .
فَإِنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ يُوجِبُ الْمَسْحَ بِالرُّءُوسِ
[48] وَبِالْأَرْجُلِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، مَعَ إِيجَابِهِ لِغَسْلِ الْوُجُوهِ وَالْأَيْدِي
[49] إِلَى الْمَرَافِقِ ، فَكَانَ فِي ظَاهِرِهِ مَا يُبَيِّنُ
[50] أَنَّ فِي كُلِّ يَدٍ مِرْفَقًا ، وَفِي كُلِّ رِجْلٍ كَعْبَيْنِ فَهَذَا عَلَى قِرَاءَةِ الْخَفْضِ ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ النَّصْبِ فَالْعَطْفُ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْمَحَلِّ
[51] إِذَا كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ :
[ ص: 178 ] مُعَاوِي إِنَّنَا بَشَرٌ فَأَسْجِحْ فَلَسْنَا بِالْجِبَالِ وَلَا الْحَدِيدَا
[52] فَلَوْ كَانَ
[53] مَعْنَى قَوْلِهِ : مَسَحْتُ بِرَأْسِي وَرِجْلِي ، هُوَ : مَعْنَى مَسَحْتُ رَأْسِي وَرِجْلِي ، لِأَمْكَنَ كَوْنُ الْعَطْفِ
[54] عَلَى الْمَحَلِّ . وَالْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ
[55] ؛ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ : " وَأَرْجُلَكُمْ " بِالنَّصْبِ ، عَطْفٌ عَلَى : وَأَيْدِيَكُمْ ، كَمَا قَالَهُ الَّذِينَ قَرَءُوهُ كَذَلِكَ .
وَحِينَئِذٍ فَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ نَصٌّ فِي وُجُوبِ الْغَسْلِ ، وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنَ الْقِرَاءَتَيْنِ مَا يَدُلُّ ظَاهِرُهَا
[56] عَلَى قَوْلِهِمْ ، فَعُلِمَ أَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَتَمَسَّكُوا [ إِلَّا ] بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ
[57] ، وَهَذَا حَالُ سَائِرِ أَهْلِ الْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ الَّذِينَ يَحْتَجُّونَ بِظَاهِرِ
[ ص: 179 ] الْقُرْآنِ عَلَى مَا يُخَالِفُ السُّنَّةَ إِذَا خَفِيَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ ، [ مَعَ أَنَّهُ ]
[58] لَمْ يُوجَدْ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ مَا يُخَالِفُ السُّنَّةَ ، كَمَنْ قَالَ مِنَ الْخَوَارِجِ : لَا نُصَلِّي
[59] فِي سَفَرٍ
[60] إِلَّا أَرْبَعًا
[61] ، وَمَنْ قَالَ : إِنَّ الْأَرْبَعَ أَفْضَلُ فِي السَّفَرِ
[62] مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ
[63] . وَمَنْ قَالَ : لَا نَحْكُمُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ .
وَقَدْ بَسَطَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ [ فِي مَوَاضِعَ ] وَبَيَّنَ
[64] أَنَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ حَقٌّ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِعَامٍّ مَخْصُوصٍ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ عُمُومٌ لَفْظِيٌّ ، وَإِنَّمَا هُوَ مُطْلَقٌ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ) [ سُورَةِ التَّوْبَةِ : 5 ] فَإِنَّهُ عَامٌّ فِي الْأَعْيَانِ ، مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ) [ سُورَةِ النِّسَاءِ : 11 ] عَامٌّ فِي الْأَوْلَادِ ، مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ .
وَلَفْظُ " الظَّاهِرِ " يُرَادُ بِهِ مَا قَدْ يَظْهَرُ
[65] لِلْإِنْسَانِ ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ . فَالْأَوَّلُ يَكُونُ بِحَسَبِ فُهُومِ
[66] النَّاسِ . وَفِي الْقُرْآنِ مِمَّا
[67] يُخَالِفُ الْفَهْمَ الْفَاسِدَ شَيْءٌ كَثِيرٌ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالْكَلَامُ فِيهِ .