وأما قوله : " إن المسلمين أجمعوا على قتل  عثمان    " . 
فجوابه من وجوه : أحدها ب ( فقط ) : من وجهين أحدهما . 
: أن يقال : أولا : هذا من أظهر الكذب وأبينه ; فإن جماهير المسلمين لم يأمروا بقتله ، ولا شاركوا [1] 
في قتله ، ولا رضوا بقتله . 
أما أولا : 
[2] أكثر [3] 
المسلمين لم يكونوا بالمدينة  ، بل كانوا بمكة  واليمن  والشام  والكوفة  والبصرة  ومصر  وخراسان  ، وأهل المدينة  بعض المسلمين . 
وأما ثانيا  : فلأن [4] 
خيار المسلمين لم يدخل واحد منهم في دم  عثمان    [ ص: 323 ]  [ لا قتل ] [5] 
ولا أمر بقتله ، وإنما قتله طائفة من المفسدين في الأرض من أوباش القبائل وأهل الفتن ، وكان علي - رضي الله عنه - يحلف دائما : " إني ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله " ويقول : " اللهم العن قتلة عثمان في البر والبحر والسهل والجبل   "  . وغاية ما يقال : إنهم لم ينصروه حق [6]  . 
النصرة ، وأنه حصل نوع من الفتور والخذلان ، حتى تمكن أولئك المفسدون . ولهم في ذلك تأويلات ، وما كانوا يظنون أن الأمر يبلغ إلى ما بلغ ، ولو علموا ذلك لسدوا الذريعة وحسموا مادة [7]  . 
الفتنة . 
ولهذا قال تعالى : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة   ) [ سورة الأنفال : 25 ] ، فإن الظالم يظلم فيبتلى الناس بفتنة تصيب من لم [8] 
يظلم ، فيعجز [9]  . 
عن ردها حينئذ ، بخلاف ما لو منع الظالم ابتداء ، فإنه كان يزول سبب الفتنة . 
				
						
						
