الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  وكلا القولين في غاية الفساد ، وأما الأولون فيقولون : إن النفس عشقت الهيولي ، فعجز الرب عن تخليصها من الهيولي حتى تذوق وبال اجتماعها بالهيولي ، وهم قالوا هذا فرارا من حدوث حادث بلا سبب ، وقد وقعوا فيما فروا منه ، وهو حدوث محبة النفس للهيولي ، فيقال لهم : ما الموجب لذلك ؟ فقد لزمهم حدوث حادث بلا سبب ، ولزمهم ما هو أشنع من ذلك ، وهو حدوث الحوادث بدون صدورها عن رب العالمين والقول بقدماء معه .

                  فإن قالوا بوجوب [1] وجودها لزم كون واجب الوجود مستحيلا موصوفا بما يستلزم حدوثه ونقصه وإمكانه .

                  وإن لم تكن واجبة بأنفسها ، بل به لزم أن يكون موجبا لها دون غيرها ، والعلة القديمة تستلزم معلولها ، فيلزم من ذلك تغير [2] معلولها ، واستحالته من حال إلى حال بدون فعل منها ، واستحالة [3] المعلول اللازم بدون تغير في العلة محال ، وإلا لم يكن معلولا لها ، وإن جوزوا ذلك ، فليجوزوا كون العالم قديما أزليا لازما لذات الرب ، وهو مع هذا [4] ينتقض ، وتنشق السماء ، وتنفطر ، وتقوم القيامة بدون فعل من الرب ولا حدوث شيء منه أصلا . بل بمجرد حدوث حادث في العالم بلا محدث .

                  [ ص: 211 ] . وإن قالوا : هو بغض النفس للهيولي كان من جنس قولهم : إن سبب حدوثه محبة النفس للهيولي ، فإذا جاز أن يحدث بمحبة النفس بدون اختيار الرب تعالى جاز أن ينتقض ببغض النفس بدون اختيار الرب .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية