وقوله : " وكان يعطي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من بيت المال أكثر مما ينبغي ، وكان يعطي  عائشة   وحفصة  من المال في كل سنة عشرة آلاف درهم " .  
فالجواب : أما  حفصة  فكان ينقصها من العطاء لكونها ابنته ، كما نقص  عبد الله بن عمر  [1]  . وهذا من كمال احتياطه في العدل ، وخوفه مقام ربه  ، ونهيه نفسه عن الهوى ، وهو كان يرى التفضيل في العطاء بالفضل ، فيعطي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم مما يعطي غيرهن من النساء ، كما كان يعطي بني هاشم من آل أبي طالب  وآل العباس  أكثر مما يعطي أعدادهم من سائر القبائل ، فإذا فضل شخصا كان لأجل اتصاله برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو لسابقته واستحقاقه ، وكان يقول :  [ ص: 38 ] ليس أحد أحق بهذا المال من أحد ، وإنما هو الرجل وغناؤه ، والرجل وبلاؤه ، والرجل وسابقته ، والرجل وحاجته ، فما [2] كان يعطي من يتهم على إعطائه بمحاباة في صداقة أو قرابة ، بل كان ينقص ابنه وابنته ونحوهما عن نظرائهم في العطاء ، وإنما كان يفضل بالأسباب الدينية المحضة ، ويفضل أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - على جميع البيوتات ويقدمهم . 
وهذه السيرة لم يسرها بعده مثله لا  عثمان  ولا  علي  ولا غيرهما ، فإن قدح فيه بتفضيل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فليقدح فيه بتفضيل رجال أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، بل وتقديمهم على غيرهم . 
				
						
						
