الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه الثاني : أن يقال : قولكم : لا بد من نصب إمام معصوم يفعل هذه الأمور .

                  أتريدون أنه [1] لا بد أن يخلق الله ويقيم من يكون متصفا بهذه الصفات ؟ أم يجب على الناس أن يبايعوا من يكون كذلك ؟ .

                  فإن أردتم الأول ، فالله لم يخلق أحدا متصفا بهذه الصفات ، فإن غاية ما عندكم أن تقولوا : إن عليا كان معصوما لكن الله لم يمكنه ولم يؤيده ، [ ص: 394 ] لا بنفسه ، ولا بجند خلقهم له حتى يفعل ما ذكرتموه .

                  بل أنتم تقولون : إنه كان عاجزا مقهورا مظلوما في زمن الثلاثة ، ولما صار له جند قام له جند ، آخرون قاتلوه ، حتى لم يتمكن أن يفعل ما فعل الذين كانوا قبله ، الذين هم عندكم ظلمة .

                  فيكون الله قد أيد أولئك الذين كانوا قبله ، حتى تمكنوا من فعل ما فعلوه من المصالح ، ولم يؤيده حتى يفعل ذلك .

                  وحينئذ فما خلق الله هذا المعصوم المؤيد الذي اقترحتموه على الله . وإن قلتم : إن الناس يجب عليهم أن يبايعوه ويعاونوه .

                  قلنا : أيضا فالناس لم يفعلوا ذلك ، سواء كانوا مطيعين أو عصاة .

                  وعلى كل تقدير فما حصل لأحد من المعصومين عندكم تأييد ، لا من الله ولا من الناس . وهذه المصالح التي ذكرتموها لا تحصل إلا بتأييد [2] ، فإذا لم يحصل ذلك لم يحصل ما به تحصل المصالح ، بل حصل أسباب ذلك ، وذلك لا يفيد المقصود .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية