فصل
قال الرافضي
[1] : " قالت
الإمامية إذا رأينا المخالف لنا يورد مثل
[2] هذه
nindex.php?page=treesubj&link=31309الأحاديث ، ونقلنا نحن أضعافها عن رجالنا الثقات ، وجب علينا المصير إليها ، وحرم العدول عنها " .
والجواب أن يقال : لا ريب أن رجالكم الذين وثقتموهم غايتهم أن يكونوا من جنس من يروي هذه الأحاديث من الجمهور ، فإذا كان أهل العلم
[ ص: 412 ] يعلمون بالاضطرار أن هؤلاء كذابون ، وأنتم أكذب منهم وأجهل ، حرم عليكم العمل بها ، والقضاء بموجبها ، والاعتراض على هذا الكلام من وجوه :
أحدها : أن يقال لهؤلاء
الشيعة : من أين لكم أن الذين نقلوا هذه الأحاديث في الزمان القديم ثقات ، وأنتم لم تدركوهم ولم تعلموا أحوالهم ، ولا لكم كتب مصنفة تعتمدون عليها في أخبارهم التي يميز بها بين الثقة وغيره ، ولا لكم أسانيد تعرفون رجالها ، بل علمكم بكثير مما في أيديكم شر من علم كثير من
اليهود والنصارى بما في أيديهم ، بل أولئك معهم كتب وضعها لهم
هلال وشماس [3] . . . ، وليس عند جمهورهم ما يعارضها .
وأما أنتم فجمهور المسلمين دائما يقدحون في روايتكم ، ويبينون
[4] كذبكم ، وأنتم ليس لكم علم بحالهم ، ثم قد
nindex.php?page=treesubj&link=20365_28833_31309علم بالتواتر الذي لا يمكن حجبه [5] كثرة الكذب ، وظهوره في الشيعة من زمن nindex.php?page=showalam&ids=8علي وإلى اليوم ، وأنتم تعلمون أن أهل الحديث يبغضون
الخوارج ويروون فيهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة صحيحة ، وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري [ ص: 413 ] بعضها ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عشرة منها ، وأهل الحديث متدينون بما صح عندهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع هذا فلم يحملهم
[6] بغضهم
للخوارج [7] على الكذب عليهم ، بل جربوهم فوجدوهم صادقين ، وأنتم يشهد عليكم أهل الحديث ، والفقهاء ، والمسلمون ، والتجار ، والعامة ، والجند ، وكل من عاشركم وجربكم قديما وحديثا أن طائفتكم أكذب الطوائف ، وإذا وجد فيها صادق فالصادق في غيرها أكثر ، وإذا وجد في غيرها كاذب فالكاذب فيها أكثر .
ولا يخفى هذا على عاقل منصف ، وأما من اتبع هواه فقد أعمى الله قلبه ، ومن يضلل الله فلن تجد له وليا مرشدا .
وهذا الذي ذكرناه معروف عند أهل العلم قديما وحديثا ، كما قد ذكرنا بعض أقوالهم حتى قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك : الدين لأهل الحديث ، والكذب
للرافضة ، والكلام
للمعتزلة ، والحيل لأهل الرأي أصحاب فلان ، وسوء التدبير لآل أبي فلان ، وهو كما قال ، فإن الدين هو ما بعث الله به
محمدا صلى الله عليه وسلم ، وأعلم الناس ( به )
[8] أعلمهم بحديثه وسنته ، وأما الكلام فأشهر الطوائف به هم
المعتزلة ، ولهذا كانوا أشهر الطوائف بالبدع عند الخاصة .
وأما
الرافضة فهم المعروفون بالبدعة
[9] عند
[10] الخاصة والعامة حتى أن أكثر العامة لا تعرف في مقابلة الشيء إلا الرافضي
[11] .
[12] " لظهور
[ ص: 414 ] مناقضتهم لما جاء به الرسول عليه السلام عند الخاصة والعامة
[13] . ( 1 )
[14] فهم عين على ما جاء به حتى الطوائف الذين ليس لهم من الخبرة بدين الرسول ما لغيرهم إذا قالت لهم
الرافضة : " نحن مسلمون " يقولون : أنتم جنس آخر .
ولهذا
الرافضة يوالون أعداء الدين الذين يعرف كل أحد معاداتهم من
اليهود ،
والنصارى والمشركين : مشركي الترك ، ويعادون أولياء الله الذين هم خيار أهل الدين ، وسادات المتقين ، وهم الذين أقاموه وبلغوه ونصروه .
ولهذا كان
الرافضة من أعظم الأسباب في دخول الترك الكفار إلى بلاد الإسلام .
وأما قصة الوزير
ابن العلقمي وغيره ، كالنصير
الطوسي مع الكفار ، وممالأتهم على المسلمين - فقد عرفها الخاصة والعامة .
وكذلك من كان منهم
بالشام : ظاهروا المشركين على المسلمين ، وعاونوهم معاونة عرفها الناس .
وكذلك لما انكسر عسكر المسلمين ، لما قدم
غازان ، ظاهروا الكفار
النصارى ، وغيرهم من أعداء المسلمين ، وباعوهم أولاد المسلمين - بيع العبيد - وأموالهم ، وحاربوا المسلمين محاربة ظاهرة ، وحمل بعضهم راية الصليب .
وهم كانوا من أعظم الأسباب في استيلاء
النصارى قديما على
بيت المقدس حتى استنقذه المسلمون منهم .
[ ص: 415 ] وقد دخل فيهم أعظم الناس نفاقا من
النصيرية ،
والإسماعيلية ونحوهم ، ممن هو أعظم كفرا في الباطن ، ومعاداة لله ورسوله ، من
اليهود والنصارى .
فهذه الأمور وأمثالها مما هي ظاهرة مشهورة يعرفها الخاصة والعامة توجب ظهور مباينتهم للمسلمين ومفارقتهم للدين ، ودخولهم في زمرة الكفار والمنافقين حتى يعدهم من رأى أحوالهم جنسا آخر غير جنس المسلمين ، فإن المسلمين الذين يقيمون دين الإسلام في الشرق والغرب قديما وحديثا هم الجمهور ،
والرافضة ليس لهم سعي إلا في هدم الإسلام ، ونقض عراه ، وإفساد قواعده ، والقدر الذي عندهم من الإسلام إنما قام بسبب قيام الجمهور به .
ولهذا قراءة القرآن فيهم قليلة ، ومن يحفظه حفظا جيدا ، فإنما تعلمه من أهل السنة ، وكذلك الحديث إنما يعرفه
[15] ويصدق فيه ، ويؤخذ عن أهل السنة ، وكذلك الفقه ، والعبادة ، والزهد ، والجهاد ، والقتال إنما هو لعساكر أهل السنة ، وهم الذين حفظ الله بهم الدين علما وعملا ، بعلمائهم ، وعبادهم ، ومقاتليهم
[16] والرافضة من أجهل الناس بدين الإسلام ، وليس للإنسان منهم شيء يختص به
[17] إلا ما يسر عدو الإسلام ، ويسوء وليه فأيامهم في الإسلام
[ ص: 416 ] كلها سود ، وأعرف الناس بعيوبهم وممادحهم
[18] أهل السنة لا تزال تطلع منهم على أمور غيرها عرفتها
[19] ، كما قال تعالى في
اليهود : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم ) ( سورة المائدة : 13 ) .
ولو ذكرت بعض ما عرفته منهم بالمباشرة ونقل الثقات ، وما رأيته في كتبهم - لاحتاج ذلك إلى كتاب كبير .
وهم الغاية في الجهل وقلة العقل ، يبغضون من الأمور ما لا فائدة لهم في بغضه ، ويفعلون من الأمور ما لا منفعة لهم فيه إذا قدر أنهم على حق ، مثل نتف النعجة ، حتى كأن لهم عليها ثأرا كأنهم ينتفون
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وشق جوف الكبش
[20] " كأنهم يشقون جوف
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فهل فعل هذا أحد من طوائف المسلمين بعدوه غيرهم ؟ !
ولو كان مثل هذا مشروعا لكان
بأبي جهل وأمثاله أولى .
[21] ومثل كراهتهم للفظ العشرة لبغضهم للرجال العشرة .
وقد ذكر الله لفظ العشرة في غير موضع من القرآن ، كقوله: (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=1والفجر nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=2وليال عشر ) ( سورة الفجر : 1 ، 2 ) ، وقوله: (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وأتممناها بعشر ) ( سورة الأعراف : 142 ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196تلك عشرة كاملة ) ( سورة البقرة : 196 ) .
[ ص: 417 ] وأما التسعة فذكرها في معرض الذم ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) ( سورة النمل : 48 ) ، فهل كره المسلمون التكلم بلفظ التسعة :
[22] لأجل أولئك التسعة ، وهم يختارون التكلم بلفظ التسعة :
[23] على لفظ العشرة ؟ !
وكذلك كراهيتهم لأسام سمي بها من يبغضونه ، وقد كان من الصحابة من تسمى بأسماء تسمى بها عدو الإسلام مثل
الوليد الذي هو الوحيد ، وكان ابنه من خيار المسلمين ، واسمه
الوليد ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت له في الصلاة ، ويقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654232اللهم نج الوليد بن الوليد " كما رواه أهل الصحيحين
[24] ومثل
أبي بن خلف الذي قتله النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي المسلمين
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب [25] وغيره ، ومثل
عمرو بن ود ( العامري ) [26] ، وفي الصحابة
عمرو بن أمية ،
nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ، ومثل هذا كثير .
ولم يغير النبي صلى الله عليه وسلم اسم رجل من الصحابة لكون كافر سمي به .
فلو قدر كفر من يبغضونه لكان كراهتهم لمثل أسمائهم في غاية الجهل مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعوهم بها .
ويقال لهم : كل من جرب من أهل العلم والدين الجمهور علم أنهم
[ ص: 418 ] لا يرضون بالكذب ولو وافق أغراضهم ، فكم
[27] يروون لهم في فضائل الخلفاء الثلاثة وغيرها أحاديث بأسانيد خير من أسانيد
الشيعة ، ويرويها مثل
أبي نعيم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13968والثعلبي ،
وأبي بكر النقاش ،
والأهوازي ،
وابن عساكر ، وأمثال هؤلاء ، ولا يقبل علماء الحديث منها شيئا ! بل إذا كان الراوي عندهم مجهولا توقفوا في روايته ، وأما أنتم معاشر
الرافضة فقد رأيناكم تقبلون كل ما يوافق
[28] رأيكم وأهواءكم ، لا تردون غثا ولا سمينا .
ويقال لكم : إذا كان عند الجمهور من الأحاديث الصحيحة المعروفة عند من يعلم المسلمون كلهم صدقه وعلمه ، وأنتم ممن يعلم ذلك ، أحاديث متلقاة بالقبول ، بل متواترة توجب العلم الضروري الذي لا يمكن دفعه عن القلب ، تناقض هذه الأدلة التي رواها طائفة مجهولة ، أو معروفة بالكذب منكم ومن الجمهور ، فهل يمكن أن يدفع
[29] الناس ما علموه بالضرورة ، وما علموه مستفيضا
[30] بنقل الثقات الأثبات الذين يعرف صدقهم وضبطهم ، هل يمكن دفع هذا بمثل هذه الروايات المسيبة التي لا زمام لها ولا خطام ؟ !
ولو روى رجل أن الصلوات
[31] كانت أكثر من خمس ، وأن الصوم الواجب شهران ، وأن على المسلمين حج بيت آخر ، هل كان الطريق إلى تكذيب هذا إلا من جنس الطريق إلى تكذيبهم ؟ !
وقد نبهنا في هذا الرد على طرق مما به يعلم كذب ما يعتمدون عليه
[ ص: 419 ] غير طرق أهل الحديث ، وبينا كذبهم : تارة بالعقل ، وتارة بما علم بالقرآن ، وتارة بما علم بالتواتر ، وتارة بما أجمع الناس كلهم عليه .
ومن المعلوم أن الأخبار المخالفة للقرآن والتواتر والإجماع ، والمخالفة للعقل يعلم بطلانها ، وهذا من
[32] جملة الطرق التي يعلم بها طرق ما يناقضون به مذهب أهل السنة من الأخبار ، وهم لا يعتمدون في أدلتهم إلا على أحد ثلاثة أشياء : إما نقل كاذب ، وإما دلالة مجملة مشبهة
[33] ، وإما قياس فاسد ، وهذا حال كل من احتج بحجة فاسدة نسبها إلى الشريعة ، فإن عمدته إما نص ، وإما قياس ، والنص يحتاج إلى صحة الإسناد ، ودلالة المتن ، فلا بد أن يكون النص ثابتا عن الرسول ، ولا بد أن يكون دالا
[34] على المطلوب .
والحجج الباطلة السمعية إما نقل كاذب ، وإما نقل صحيح لا يدل ، وإما قياس فاسد ، وليس
للرافضة وغيرهم من أهل الباطل حجة سمعية إلا من هذا الجنس ، وقولنا : " نقل " يدخل فيه كلام الله ورسوله ، وكلام أهل الإجماع عند من يحتج به ، فإن
الرافضة لا تحتج بالإجماع . والأفعال والإقرار والإمساك يجري مجرى ذلك .
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ
[1] : " قَالَتِ
الْإِمَامِيَّةُ إِذَا رَأَيْنَا الْمُخَالِفَ لَنَا يُورِدُ مِثْلَ
[2] هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=31309الْأَحَادِيثِ ، وَنَقَلْنَا نَحْنُ أَضْعَافَهَا عَنْ رِجَالِنَا الثِّقَاتِ ، وَجَبَ عَلَيْنَا الْمَصِيرُ إِلَيْهَا ، وَحُرِّمَ الْعُدُولُ عَنْهَا " .
وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ : لَا رَيْبَ أَنَّ رِجَالَكُمُ الَّذِينَ وَثَّقْتُمُوهُمْ غَايَتُهُمْ أَنْ يَكُونُوا مَنْ جِنْسِ مَنْ يَرْوِي هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مِنَ الْجُمْهُورِ ، فَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ
[ ص: 412 ] يَعْلَمُونَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَذَّابُونَ ، وَأَنْتُمْ أَكْذَبُ مِنْهُمْ وَأَجْهَلُ ، حَرُمَ عَلَيْكُمُ الْعَمَلُ بِهَا ، وَالْقَضَاءُ بِمُوجَبِهَا ، وَالِاعْتِرَاضُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ يُقَالَ لِهَؤُلَاءِ
الشِّيعَةِ : مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ الَّذِينَ نَقَلُوا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِي الزَّمَانِ الْقَدِيمِ ثِقَاتٌ ، وَأَنْتُمْ لَمْ تُدْرِكُوهُمْ وَلَمْ تَعْلَمُوا أَحْوَالَهُمْ ، وَلَا لَكُمْ كُتُبٌ مُصَنَّفَةٌ تَعْتَمِدُونَ عَلَيْهَا فِي أَخْبَارِهِمُ الَّتِي يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ الثِّقَةِ وَغَيْرِهِ ، وَلَا لَكُمْ أَسَانِيدُ تَعْرِفُونَ رِجَالَهَا ، بَلْ عِلْمُكُمْ بِكَثِيرٍ مِمَّا فِي أَيْدِيكُمْ شَرٌّ مِنْ عِلْمِ كَثِيرٍ مِنَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِمَا فِي أَيْدِيهِمْ ، بَلْ أُولَئِكَ مَعَهُمْ كُتُبٌ وَضَعَهَا لَهُمْ
هِلَالٌ وَشَمَّاسٌ [3] . . . ، وَلَيْسَ عِنْدَ جُمْهُورِهِمْ مَا يُعَارِضُهَا .
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ دَائِمًا يَقْدَحُونَ فِي رِوَايَتِكُمْ ، وَيُبَيِّنُونَ
[4] كَذِبَكُمْ ، وَأَنْتُمْ لَيْسَ لَكُمْ عِلْمٌ بِحَالِهِمْ ، ثُمَّ قَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=20365_28833_31309عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ حَجْبُهُ [5] كَثْرَةُ الْكَذِبِ ، وَظُهُورُهُ فِي الشِّيعَةِ مِنْ زَمَنِ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَإِلَى الْيَوْمِ ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ يَبْغُضُونَ
الْخَوَارِجَ وَيَرْوُونَ فِيهِمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً صَحِيحَةً ، وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ [ ص: 413 ] بَعْضَهَا ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ عَشَرَةً مِنْهَا ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ مُتَدَيِّنُونَ بِمَا صَحَّ عِنْدَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَحْمِلْهُمْ
[6] بُغْضُهُمْ
لِلْخَوَارِجِ [7] عَلَى الْكَذِبِ عَلَيْهِمْ ، بَلْ جَرَّبُوهُمْ فَوَجَدُوهُمْ صَادِقِينَ ، وَأَنْتُمْ يَشْهَدُ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْحَدِيثِ ، وَالْفُقَهَاءُ ، وَالْمُسْلِمُونَ ، وَالتُّجَّارُ ، وَالْعَامَّةُ ، وَالْجُنْدُ ، وَكُلُّ مَنْ عَاشَرَكُمْ وَجَرَّبَكُمْ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّ طَائِفَتَكُمْ أَكْذَبُ الطَّوَائِفِ ، وَإِذَا وُجِدَ فِيهَا صَادِقٌ فَالصَّادِقُ فِي غَيْرِهَا أَكْثَرُ ، وَإِذَا وُجِدَ فِي غَيْرِهَا كَاذِبٌ فَالْكَاذِبُ فِيهَا أَكْثَرُ .
وَلَا يَخْفَى هَذَا عَلَى عَاقِلٍ مُنْصِفٍ ، وَأَمَّا مَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ فَقَدْ أَعْمَى اللَّهُ قَلْبَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا .
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ أَقْوَالِهِمْ حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ : الدِّينُ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ ، وَالْكَذِبُ
لِلرَّافِضَةِ ، وَالْكَلَامُ
لِلْمُعْتَزِلَةِ ، وَالْحِيَلُ لِأَهْلِ الرَّأْيِ أَصْحَابِ فُلَانٍ ، وَسُوءُ التَّدْبِيرِ لِآلِ أَبِي فُلَانٍ ، وَهُوَ كَمَا قَالَ ، فَإِنَّ الدِّينَ هُوَ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ ( بِهِ )
[8] أَعْلَمُهُمْ بِحَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ ، وَأَمَّا الْكَلَامُ فَأَشْهَرُ الطَّوَائِفِ بِهِ هُمُ
الْمُعْتَزِلَةُ ، وَلِهَذَا كَانُوا أَشْهَرَ الطَّوَائِفِ بِالْبِدَعِ عِنْدَ الْخَاصَّةِ .
وَأَمَّا
الرَّافِضَةُ فَهُمُ الْمَعْرُوفُونَ بِالْبِدْعَةِ
[9] عِنْدَ
[10] الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ حَتَّى أَنَّ أَكْثَرَ الْعَامَّةِ لَا تَعْرِفُ فِي مُقَابَلَةِ الشَّيْءِ إِلَّا الرَّافِضِيَّ
[11] .
[12] " لِظُهُورِ
[ ص: 414 ] مُنَاقَضَتِهِمْ لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ
[13] . ( 1 )
[14] فَهُمْ عَيْنٌ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ حَتَّى الطَّوَائِفُ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ مِنِ الْخِبْرَةِ بِدِينِ الرَّسُولِ مَا لِغَيْرِهِمْ إِذَا قَالَتْ لَهُمُ
الرَّافِضَةُ : " نَحْنُ مُسْلِمُونَ " يَقُولُونَ : أَنْتُمْ جِنْسٌ آخَرُ .
وَلِهَذَا
الرَّافِضَةُ يُوَالُونَ أَعْدَاءَ الدِّينِ الَّذِينَ يِعْرِفُ كُلُّ أَحَدٍ مُعَادَاتَهُمْ مِنَ
الْيَهُودِ ،
وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ : مُشْرِكِي التَّرْكِ ، وَيُعَادُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ الَّذِينَ هُمْ خِيَارُ أَهْلِ الدِّينِ ، وَسَادَاتُ الْمُتَّقِينَ ، وَهُمُ الَّذِينَ أَقَامُوهُ وَبَلَّغُوهُ وَنَصَرُوهُ .
وَلِهَذَا كَانَ
الرَّافِضَةُ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي دُخُولِ التُّرْكِ الْكُفَّارِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ .
وَأَمَّا قِصَّةُ الْوَزِيرِ
ابْنِ الْعَلْقَمِيِّ وَغَيْرِهِ ، كَالنَّصِيرِ
الطُّوسِيِّ مَعَ الْكُفَّارِ ، وَمُمَالَأَتُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ - فَقَدْ عَرَفَهَا الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ .
وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ
بِالشَّامِ : ظَاهَرُوا الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَعَاوَنُوهُمْ مُعَاوَنَةً عَرَفَهَا النَّاسُ .
وَكَذَلِكَ لَمَّا انْكَسَرَ عَسْكَرُ الْمُسْلِمِينَ ، لَمَّا قَدِمَ
غَازَانُ ، ظَاهَرُوا الْكُفَّارَ
النَّصَارَى ، وَغَيْرَهُمْ مِنْ أَعْدَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، وَبَاعُوهُمْ أَوْلَادَ الْمُسْلِمِينَ - بَيْعَ الْعَبِيدِ - وَأَمْوَالَهَمْ ، وَحَارَبُوا الْمُسْلِمِينَ مُحَارَبَةً ظَاهِرَةً ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ رَايَةَ الصَّلِيبِ .
وَهُمْ كَانُوا مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي اسْتِيلَاءِ
النَّصَارَى قَدِيمًا عَلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى اسْتَنْقَذَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ .
[ ص: 415 ] وَقَدْ دَخَلَ فِيهِمْ أَعْظَمُ النَّاسِ نِفَاقًا مِنَ
النَّصِيرِيةِ ،
وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ ، مِمَّنْ هُوَ أَعْظَمُ كُفْرًا فِي الْبَاطِنِ ، وَمُعَادَاةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ، مِنَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى .
فَهَذِهِ الْأُمُورُ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا هِيَ ظَاهِرَةٌ مَشْهُورَةٌ يَعْرِفُهَا الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ تُوجِبُ ظُهُورَ مُبَايَنَتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَمُفَارَقَتِهِمْ لِلدِّينِ ، وَدُخُولِهِمْ فِي زُمْرَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ حَتَّى يَعُدُّهُمْ مَنْ رَأَى أَحْوَالَهُمْ جِنْسًا آخَرَ غَيْرَ جِنْسِ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ دِينَ الْإِسْلَامِ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا هُمُ الْجُمْهُورُ ،
وَالرَّافِضَةُ لَيْسَ لَهُمْ سَعْيٌ إِلَّا فِي هَدْمِ الْإِسْلَامِ ، وَنَقْضِ عُرَاهُ ، وَإِفْسَادِ قَوَاعِدِهِ ، وَالْقَدْرُ الَّذِي عِنْدَهُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ إِنَّمَا قَامَ بِسَبَبِ قِيَامِ الْجُمْهُورِ بِهِ .
وَلِهَذَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِيهِمْ قَلِيلَةٌ ، وَمَنْ يَحْفَظُهُ حِفْظًا جَيِّدًا ، فَإِنَّمَا تَعَلَّمَهُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ إِنَّمَا يَعْرِفُهُ
[15] وَيَصْدُقُ فِيهِ ، وَيُؤْخَذُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَكَذَلِكَ الْفِقْهُ ، وَالْعِبَادَةُ ، وَالزُّهْدُ ، وَالْجِهَادُ ، وَالْقِتَالُ إِنَّمَا هُوَ لِعَسَاكِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَهُمُ الَّذِينَ حَفِظَ اللَّهُ بِهِمُ الدِّينَ عِلْمًا وَعَمَلًا ، بِعُلَمَائِهِمْ ، وَعُبَّادِهِمْ ، وَمُقَاتِلِيهِمْ
[16] وَالرَّافِضَةُ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِدِينِ الْإِسْلَامِ ، وَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ مِنْهُمْ شَيْءٌ يُخْتَصُّ بِهِ
[17] إِلَّا مَا يَسُرُّ عَدُوَّ الْإِسْلَامِ ، وَيَسُوءُ وَلِيَّهُ فَأَيَّامُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ
[ ص: 416 ] كُلُّهَا سُودٌ ، وَأَعْرَفُ النَّاسِ بِعُيُوبِهِمْ وَمَمَادِحِهِمْ
[18] أَهْلُ السُّنَّةِ لَا تَزَالُ تَطَّلِعُ مِنْهُمْ عَلَى أُمُورٍ غَيْرِهَا عَرَفَتْهَا
[19] ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي
الْيَهُودِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ) ( سُورَةُ الْمَائِدَةِ : 13 ) .
وَلَوْ ذَكَرْتُ بَعْضَ مَا عَرَفْتُهُ مِنْهُمْ بِالْمُبَاشَرَةِ وَنَقْلِ الثِّقَاتِ ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي كُتُبِهِمْ - لَاحْتَاجَ ذَلِكَ إِلَى كِتَابٍ كَبِيرٍ .
وَهُمُ الْغَايَةُ فِي الْجَهْلِ وَقِلَّةِ الْعَقْلِ ، يَبْغُضُونَ مِنَ الْأُمُورِ مَا لَا فَائِدَةَ لَهُمْ فِي بُغْضِهِ ، وَيَفْعَلُونَ مِنَ الْأُمُورِ مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُمْ فِيهِ إِذَا قُدِّرَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ ، مِثْلُ نَتْفِ النَّعْجَةِ ، حَتَّى كَأَنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا ثَأْرًا كَأَنَّهُمْ يَنْتِفُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ ، وَشَقِّ جَوْفِ الْكَبْشِ
[20] " كَأَنَّهُمْ يَشُقُّونَ جَوْفَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ ، فَهَلْ فَعَلَ هَذَا أَحَدٌ مِنْ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ بِعَدُوِّهِ غَيْرُهُمْ ؟ !
وَلَوْ كَانَ مِثْلُ هَذَا مَشْرُوعًا لَكَانَ
بِأَبِي جَهْلٍ وَأَمْثَالِهِ أَوْلَى .
[21] وَمِثْلُ كَرَاهَتِهِمْ لِلَفْظِ الْعِشَرَةِ لِبُغْضِهِمْ لِلرِّجَالِ الْعَشَرَةِ .
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ لَفْظَ الْعَشَرَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، كَقَوْلِهِ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=1وَالْفَجْرِ nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=2وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) ( سُورَةُ الْفَجْرَ : 1 ، 2 ) ، وَقَوْلِهِ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ ) ( سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 142 ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) ( سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 196 ) .
[ ص: 417 ] وَأَمَّا التِّسْعَةُ فَذَكَرَهَا فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ) ( سُورَةِ النَّمْلِ : 48 ) ، فَهَلْ كَرِهَ الْمُسْلِمُونَ التَّكَلُّمَ بِلَفْظِ التِّسْعَةِ :
[22] لِأَجْلِ أُولَئِكَ التِّسْعَةِ ، وَهُمْ يَخْتَارُونَ التَّكَلُّمَ بِلَفْظِ التِّسْعَةِ :
[23] عَلَى لَفْظِ الْعَشَرَةِ ؟ !
وَكَذَلِكَ كَرَاهِيَتُهُمْ لِأَسَامٍ سُمِّيَ بِهَا مَنْ يُبْغِضُونَهُ ، وَقَدْ كَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ تَسَمَّى بِأَسْمَاءٍ تَسَمَّى بِهَا عَدُوُّ الْإِسْلَامِ مِثْلُ
الْوَلِيدِ الَّذِي هُوَ الْوَحِيدُ ، وَكَانَ ابْنُهُ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ ، وَاسْمُهُ
الْوَلِيدُ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْنُتُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ ، وَيَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=654232اللَّهُمَّ نَجِّ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ " كَمَا رَوَاهُ أَهْلُ الصَّحِيحَيْنِ
[24] وَمِثْلُ
أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ الَّذِي قَتَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي الْمُسْلِمِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ [25] وَغَيْرُهُ ، وَمِثْلُ
عَمْرِو بْنِ وُدٍّ ( الْعَامِرِيُّ ) [26] ، وَفِي الصَّحَابَةِ
عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=59وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ .
وَلَمْ يُغَيِّرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لِكَوْنِ كَافِرٍ سُمِّيَ بِهِ .
فَلَوْ قُدِّرَ كُفْرُ مَنْ يُبْغِضُونَهُ لَكَانَ كَرَاهَتُهُمْ لِمِثْلِ أَسْمَائِهِمْ فِي غَايَةِ الْجَهْلِ مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُوهُمْ بِهَا .
وَيُقَالُ لَهُمْ : كُلُّ مَنْ جَرَّبَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ الْجُمْهُورَ عَلِمَ أَنَّهُمْ
[ ص: 418 ] لَا يَرْضَوْنَ بِالْكَذِبِ وَلَوْ وَافَقَ أَغْرَاضَهُمْ ، فَكَمْ
[27] يَرْوُونَ لَهُمْ فِي فَضَائِلِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرِهَا أَحَادِيثَ بِأَسَانِيدَ خَيْرٍ مِنْ أَسَانِيدِ
الشِّيعَةِ ، وَيَرْوِيهَا مِثْلُ
أَبِي نُعَيْمٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13968وَالثَّعْلَبِيِّ ،
وَأَبِي بَكْرٍ النَّقَّاشِ ،
وَالْأَهْوَازِيِّ ،
وَابْنِ عَسَاكِرَ ، وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ ، وَلَا يَقْبَلُ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ مِنْهَا شَيْئًا ! بَلْ إِذَا كَانَ الرَّاوِي عِنْدَهُمْ مَجْهُولًا تَوَقَّفُوا فِي رِوَايَتِهِ ، وَأَمَّا أَنْتُمْ مَعَاشِرَ
الرَّافِضَةِ فَقَدْ رَأَيْنَاكُمْ تَقْبَلُونَ كُلَّ مَا يُوَافِقُ
[28] رَأْيَكُمْ وَأَهْوَاءَكُمْ ، لَا تَرُدُّونَ غَثًّا وَلَا سَمِينًا .
وَيُقَالُ لَكُمْ : إِذَا كَانَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ صِدْقَهُ وَعِلْمَهُ ، وَأَنْتُمْ مِمَّنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ ، أَحَادِيثُ مُتَلَقَّاةٌ بِالْقَبُولِ ، بَلْ مُتَوَاتِرَةٌ تُوجِبُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ الَّذِي لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ عَنِ الْقَلْبِ ، تُنَاقِضُ هَذِهِ الْأَدِلَّةَ الَّتِي رَوَاهَا طَائِفَةٌ مَجْهُولَةٌ ، أَوْ مَعْرُوفَةٌ بِالْكَذِبِ مِنْكُمْ وَمِنَ الْجُمْهُورِ ، فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَدْفَعَ
[29] النَّاسُ مَا عَلِمُوهُ بِالضَّرُورَةِ ، وَمَا عَلِمُوهُ مُسْتَفِيضًا
[30] بِنَقْلِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ الَّذِينَ يُعْرَفُ صِدْقُهُمْ وَضَبْطُهُمْ ، هَلْ يُمْكِنُ دَفْعُ هَذَا بِمِثْلِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْمُسَيَّبَةِ الَّتِي لَا زِمَامَ لَهَا وَلَا خِطَامَ ؟ !
وَلَوْ رَوَى رَجُلٌ أَنَّ الصَّلَوَاتِ
[31] كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ ، وَأَنَّ الصَّوْمَ الْوَاجِبَ شَهْرَانِ ، وَأَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَجَّ بَيْتٍ آخَرَ ، هَلْ كَانَ الطَّرِيقُ إِلَى تَكْذِيبِ هَذَا إِلَّا مِنْ جِنْسِ الطَّرِيقِ إِلَى تَكْذِيبِهِمْ ؟ !
وَقَدْ نَبَّهْنَا فِي هَذَا الرَّدِّ عَلَى طُرُقٍ مِمَّا بِهِ يُعْلَمُ كَذِبُ مَا يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ
[ ص: 419 ] غَيْرِ طُرُقِ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، وَبَيَّنَّا كَذِبَهُمْ : تَارَةً بِالْعَقْلِ ، وَتَارَةً بِمَا عُلِمَ بِالْقُرْآنِ ، وَتَارَةً بِمَا عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ ، وَتَارَةً بِمَا أَجْمَعَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَلَيْهِ .
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَخْبَارَ الْمُخَالِفَةَ لِلْقُرْآنِ وَالتَّوَاتُرِ وَالْإِجْمَاعِ ، وَالْمُخَالِفَةَ لِلْعَقْلِ يُعْلَمُ بُطْلَانُهَا ، وَهَذَا مِنْ
[32] جُمْلَةِ الطُّرُقِ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا طُرُقُ مَا يُنَاقِضُونَ بِهِ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الْأَخْبَارِ ، وَهُمْ لَا يَعْتَمِدُونَ فِي أَدِلَّتِهِمْ إِلَّا عَلَى أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : إِمَّا نَقْلٌ كَاذِبٌ ، وَإِمَّا دَلَالَةٌ مُجْمَلَةٌ مُشَبَّهَةٌ
[33] ، وَإِمَّا قِيَاسٌ فَاسِدٌ ، وَهَذَا حَالُ كُلِّ مَنِ احْتَجَّ بِحُجَّةٍ فَاسِدَةٍ نَسَبَهَا إِلَى الشَّرِيعَةِ ، فَإِنَّ عُمْدَتَهُ إِمَّا نَصٌّ ، وَإِمَّا قِيَاسٌ ، وَالنَّصُّ يَحْتَاجُ إِلَى صِحَّةِ الْإِسْنَادِ ، وَدَلَالَةِ الْمَتْنِ ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ النَّصُّ ثَابِتًا عَنِ الرَّسُولِ ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دَالًّا
[34] عَلَى الْمَطْلُوبِ .
وَالْحُجَجُ الْبَاطِلَةُ السَّمْعِيَّةُ إِمَّا نَقْلٌ كَاذِبٌ ، وَإِمَّا نَقْلٌ صَحِيحٌ لَا يَدُلُّ ، وَإِمَّا قِيَاسٌ فَاسِدٌ ، وَلَيْسَ
لِلرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ حُجَّةٌ سَمْعِيَّةٌ إِلَّا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ ، وَقَوْلُنَا : " نَقْلٌ " يَدْخُلُ فِيهِ كَلَامُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَكَلَامُ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ عِنْدَ مَنْ يَحْتَجُّ بِهِ ، فَإِنَّ
الرَّافِضَةَ لَا تَحْتَجُّ بِالْإِجْمَاعِ . وَالْأَفْعَالُ وَالْإِقْرَارُ وَالْإِمْسَاكُ يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ .