الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2107 - قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن كعب، وكعب هو ظفر بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الظفري الأنصاري. [ ص: 1275 ]

                                                              يكنى أبا عمرو. وقيل أبو عمر. وقيل أبو عبد الله.
                                                              عقبي، شهد بدرا والمشاهد كلها، وأصيبت عينه يوم بدر. وقيل يوم الخندق، وقيل يوم أحد، فسالت حدقته، فأرادوا قطعها، ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فدفع حدقته بيده حتى وضعها موضعها، ثم غمزها براحته، وقال: اللهم اكسها جمالا، فجاءت وإنها لأحسن عينيه وما مرضت بعده.

                                                              قال أبو عمر: الأصح - والله أعلم - أن عين قتادة أصيبت يوم أحد.

                                                              روى عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن جابر بن عبد الله، قال: أصيبت عين قتادة بن النعمان يوم أحد، وكان قريب عهد بعرس، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذها بيده فردها. فكانت أحسن عينيه وأحدهما نظرا. وقال عمر بن عبد العزيز: كنا نتحدث أنها تعلقت بعرق فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: اللهم اكسها جمالا. وذكر الأصمعي، عن أبي معشر المدني، قال: وفد أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم بديوان أهل المدينة إلى عمر بن عبد العزيز - رجل من ولد قتادة بن النعمان، فلما قدم عليه قال له ممن الرجل؟ فقال:


                                                              أنا ابن الذي سالت على الخد عينه فردت بكف المصطفى أحسن الرد     فعادت كما كانت لأول أمرها
                                                              فيا حسن ما عين ويا حسن ما رد



                                                              فقال عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه:


                                                              تلك المكارم لا قعبان من لبن     شيبا بماء فعادت بعد أبوالا



                                                              [ ص: 1276 ] وقال عبد الله بن محمد بن عمارة: إن قتادة بن النعمان رميت عينه يوم أحد فسالت حدقته على وجهه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن عندي امرأة أحبها وإن هي رأت عيني خشيت أن تقذرني، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستوت، وكانت أقوى عينيه وأصحهما. وكانت معه يوم الفتح راية بني ظفر، وكان رضي الله عنه من فضلاء الأنصار وكانت وفاته في سنة ثلاث وعشرين. وقيل سنة أربع وعشرين، وهو ابن خمس وستين سنة، وصلى عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ونزل في قبره أبو سعيد الخدري، وهو أخوه لأمه رضي الله عنهما.

                                                              ومن حديث أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة لصلاة العشاء، وهاجت الظلمة من السماء، وبرقت برقة، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قتادة بن النعمان، فقال:

                                                              قتادة! قال: نعم، يا رسول الله، علمت أن شاهد الصلاة الليلة قليل، فأحببت أن أشهدها. فقال له: إذا انصرفت فأتني، فلما انصرف أعطاه عرجونا، وقال له: خذها فسيضيء أمامك عشرا وخلفك عشرا.
                                                               
                                                              وقتادة هذا هو جد عاصم بن عمر بن قتادة المحدث النسابة، روى عن قتادة بن النعمان أخوه لأمه أبو سعيد الخدري حديث قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن. وقتادة بن النعمان هذا هو الذي كان يقرؤها، وكان [ ص: 1277 ] يتقالها  وعليه مخرج ذلك الحديث، وله في قصة نزول : ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم في بني أبيرق من الأنصار فضيلة كبيرة.

                                                              وحديثه بذلك مشهور في السير، وفي كتب تفسير القرآن.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية