2370 - مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي.
يكنى أبا عبد الملك. ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة اثنتين من الهجرة. وقيل: عام الخندق. وقال ولد مالك: يوم مروان بن الحكم أحد. وقال غيره: ولد مروان بمكة. ويقال: ولد بالطائف، فعلى قول توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان سنين أو نحوها، ولم يره لأنه مالك خرج إلى الطائف طفلا لا يعقل، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد نفى أباه الحكم إليها، فلم يزل بها حتى ولي فرده عثمان بن عفان، فقدم عثمان، المدينة هو وولده في خلافة وتوفي أبوه فاستكتبه عثمان، وكتب له، [ ص: 1388 ] فاستولى عليه إلى أن قتل عثمان، ونظر إليه عثمان، يوما. فقال له: ويلك وويل أمة علي محمد منك، ومن بنيك إذا ساءت درعك! وكان مروان يقال له خيط باطل، وضرب به يوم الدار على قفاه، فجرى لقبه، فلما بويع له بالإمارة قال فيه أخوه عبد الرحمن بن الحكم - وكان ماجنا شاعرا محسنا، وكان لا يرى رأي مروان:
فوالله ما أدري وإني لسائل حليلة مضروب القفا كيف يصنع لحا الله قوما أمروا خيط باطل
على الناس يعطي ما يشاء ويمنع
[وقيل: إنما قال له أخوه عبد الرحمن ذلك حين ولاه أمر معاوية المدينة]، وكان كثيرا ما يهجوه. ومن قوله فيه:
وهبت نصيبي فيك يا مرو كله لعمرو ومروان الطويل وخالد
فكل ابن أم زائد غير ناقص وأنت ابن أم ناقص غير زائد
وقال مالك بن الريب يهجو مروان:
لعمرك ما مروان يقضي أمورنا ولكنما تقضي لنا بنت جعفر
فيا ليتها كانت علينا أميرة وليتك يا مروان أمسيت آخر
وكان لما صار الأمر إليه ولاه معاوية المدينة، ثم جمع له إلى المدينة مكة والطائف، ثم عزله عن المدينة سنة ثمان وأربعين، وولاها سعيد بن أبي العاص، فأقام عليها أميرا إلى سنة أربع وخمسين، ثم عزله، وولى مروان، ثم عزله، وولى فلم يزل واليا على الوليد بن عتبة، المدينة حتى مات وولي معاوية يزيد، فلما كف عن الوليد بن عتبة الحسين في شأن البيعة وابن الزبير ليزيد، وكان الوليد رحيما حليما سريا، عزله وولى يزيد ثم عزله وصرف عمرو بن سعيد الأشدق، ثم عزله، وولى الوليد بن عتبة، عثمان بن محمد بن أبي سفيان، وعليه قامت [ ص: 1389 ] الحرة، ثم لما مات يزيد، وولي ابنه أبو ليلى معاوية بن يزيد، وذلك سنة أربع وستين. عاش بعد أبيه يزيد أربعين ليلة، ومات وهو ابن إحدى وعشرين سنة، وكان موته من قرحة يقال لها السكتة، وكانت أمه أم خالد بنت هاشم بن عتبة بن ربيعة، وقالت له: اجعل الخلافة من بعدك لأخيك، فأبى، وقال:
لا يكون لي مرها ولكم حلوها، فوثب مروان حينئذ عليها وأنشد:
إني أرى فتنة تغلي مراجلها والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا
ثم التقى هو والضحاك بن قيس بمرج راهط على أميال من دمشق، فقتل الضحاك، وكان مروان قد تزوج أم خالد بن يزيد ليضع منه، فوقع بينه وبين خالد يوما كلام، فقال له مروان - وأغلظ له في القول: اسكت يا ابن الرطبة. فقال له خالد: مؤتمن خائن. فندم مروان، وقال: ما أدى الأمانة إذا اؤتمن، ثم دخل خالد على أمه فقال لها: هكذا أردت، يقول لي مروان على رءوس الناس كذا وكذا! فقالت له: اسكت، لا ترى بعد منه شيئا تكرهه، وسأقرب عليك ما بعد، فسمته، ثم قامت إليه مع جواريها فغممته حتى مات، فكانت خلافته تسعة أشهر وقيل عشرة أشهر.
ومات في صدر رمضان سنة خمس وستين، وهو ابن ثلاث وستين. وقيل: ابن ثمانية وستين، وقيل ابن أربع وستين، وهو معدود فيمن قتله النساء. روى عنه من الصحابة فيما ذكر سهل بن سعد صالح بن كيسان. وعبد الرحمن بن إسحاق، عن عن ابن شهاب، عن سهل بن سعد، مروان، عن في قول الله عز وجل: زيد بن ثابت لا يستوي القاعدون من المؤمنين ... الآية.
ورواه عن معمر، عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب. وممن [ ص: 1390 ] روى عنه من التابعين زيد بن ثابت. عروة بن الزبير، وعلي بن الحسين. وقال عروة: كان مروان لا يتهم في الحديث، ومن شعر عبد الرحمن فيه:
ألا من مبلغ مروان عني رسولا والرسول من البيان
بأنك لن ترى طردا لحر كإلصاق به بعض الهوان
وهل حدثت قبلي عن كريم معين في الحوادث أو معان
يقيم بدار مضيفة إذا لم يكن حيران أو خفق الجنان
فلا تقذف بي الرجوين إني أقل القوم من يغني مكاني
سأكفيك الذي استكفيت مني بأمر لا تخالجه يدان
ولو أنا بمنزلة جميعا جريت وأنت مضطرب العنان
ولولا أن أم أبيك أمي وأن من قد هجاك فقد هجاني
لقد جاهرت بالبغضاء إني إلى أمر الجهارة والعلان