الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              2940 - أبو الدرداء.

                                                              اسمه عويمر، فقيل عويمر [ابن عامر] بن مالك بن زيد بن قيس.
                                                              وقيل: عويمر بن قيس بن زيد بن أمية. وقيل: عويمر بن عبد الله بن زيد ابن قيس بن أمية بن عامر بن عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث ابن الخزرج، من بلحارث بن الخزرج. وقيل: اسم أبي الدرداء عامر بن مالك، وعويمر لقب.

                                                              وأمه محبة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة، تأخر إسلامه قليلا، وكان آخر أهل داره إسلاما، وحسن إسلامه، وكان فقيها عاقلا حكيما، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سلمان الفارسي. روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: عويمر حكيم أمتي.  شهد ما بعد أحد من المشاهد، واختلف في شهوده أحدا. قال الواقدي: توفي سنة اثنتين وثلاثين بدمشق في خلافة عثمان.

                                                              وقال غيره: توفي سنة إحدى وثلاثين بالشام، وقيل: توفي سنة أربع وثلاثين. وقيل سنة ثلاث وثلاثين. وقال أهل الأخبار: إنه توفي بعد صفين.

                                                              والصحيح أنه مات في خلافة عثمان، وإنما ولي القضاء لمعاوية في خلافة عثمان.

                                                              روى منصور بن المعتمر، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال. شافهت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم انتهى إلى ستة: عمر، وعلي، وعبد الله ابن مسعود، ومعاذ، وأبي الدرداء، وزيد بن ثابت.

                                                              روى مسعر، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: كان أبو الدرداء من الذين أوتوا العلم [ ص: 1647 ] .

                                                              وروى الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير ابن نفير، عن عوف بن مالك - أنه رأى في المنام قبة أدم في مرج أخضر، وحول القبة غنم ربوض تجتر وتبعر العجوة، قال: فقلت: لمن هذه القبة؟ قيل:

                                                              هذه لعبد الرحمن بن عوف، فانتظرناه حتى خرج، فقال: يا عوف، هذا الذي أعطانا الله بالقرآن، ولو أشرفت على هذه الثنية لرأيت بها ما لم تر عينك، ولم تسمع أذنك، ولم يخطر على قلبك مثله، أعده الله لأبي الدرداء، إنه كان يدفع الدنيا بالراحتين والصدر.

                                                              وذكر عبد الله بن وهب قال: أخبرني حيي بن عبد الله، عن عبد الرحمن الحجري، قال قال أبو ذر لأبي الدرداء: ما حملت ورقاء، ولا أظلت خضراء أعلم منك يا أبا الدرداء.

                                                              وروى سفيان بن عيينة، عن ابن أبي مليكة، قال: سمعت يزيد بن معاوية يقول: إن أبا الدرداء من الفقهاء العلماء الذين يشفون من الداء.  

                                                              حدثنا خلف بن قاسم، قال: حدثنا أبو الميمون، قال: حدثنا أبو زرعة، قال: حدثنا أبو مسهر، قال حدثنا سعيد بن عبد العزيز، قال: إن عمر أمر أبا الدرداء على القضاء بدمشق، قال: وكان القاضي يكون خليفة الأمير إذا غاب والصحيح أنه مات في خلافة عثمان، وإنما ولي القضاء لمعاوية في خلافة عثمان.

                                                              وروى أبو إدريس الخولاني، عن يزيد بن عميرة، قال: لما حضرت معاذ بن جبل الوفاة قيل له: يا أبا عبد الرحمن، أوصنا، فقال: التمسوا العلم عند عويمر أبي الدرداء، فإنه من الذين أوتوا العلم وروى سفيان، عن ثور، عن خالد بن معدان، قال: كان عبد الله بن عمرو يقول: حدثونا عن العالمين العاملين: معاذ، وأبي الدرداء [ ص: 1648 ] .

                                                              وروي من حديث ابن عيينة، وحديث إسماعيل بن عياش أيضا، أنه قيل لأبي الدرداء: مالك لا تقول الشعر. وكل لبيب من الأنصار قال الشعر! فقال: وأنا قد قلت شعرا. فقيل: وما هو؟ فقال:


                                                              يريد المرء أن يؤتى مناه ويأبى الله إلا ما أرادا     يقول المرء فائدتي ومالي
                                                              وتقوى الله أفضل ما استفادا

                                                              قيل: إنه استقضاه عمر بن الخطاب. وقيل: بل استقضاه معاوية. وتوفي في خلافة عثمان قبل قتل عثمان. بسنتين. وقد تقدم من خبره في باب اسمه ما فيه كفاية .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية