الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              مسألة: غسالة النجاسة إذا انفصلت غير متغيرة بعد طهارة المحل فهي [ ص: 76 ] طاهرة .  وكذلك البول على الأرض ونحوه إذا كوثر بالماء ، ولم يتغير الماء ، فإنا نحكم بطهارة الماء والمكان ، وهو قول مالك ، والشافعي ، وقال أبو حنيفة: ذلك [ ص: 77 ] نجس ويتخرج لنا نحوه ، لنا حديث الأعرابي صبوا على بول الأعرابي ذنوبا من ماء ، وقد سبق بإسناده ، ولو لم يطهر لكان قد أمر بزيادة تنجيس المسجد ، احتجوا بثلاثة أحاديث؛ الأول:

                                                              59 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، قال أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، أنبأنا ابن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، حدثنا محمد بن مخلد ، حدثنا أبو داود السجستاني ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا جرير بن حازم ، قال: سمعت عبد الملك بن عمير يحدث عن عبد الله بن معقل بن مقرن ، قال: قام أعرابي إلى زاوية من زوايا المسجد فاكتشف فبال فيها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه وأهريقوا على مكانه ماء.  قال الدارقطني : [ ص: 78 ] عبد الله بن معقل تابعي فهو مرسل ، وقال أحمد بن حنبل : هذا حديث منكر ، وقال أبو داود السجستاني : وقد روي مرفوعا ، ولا يصح.

                                                              الحديث الثاني:

                                                              60 - وبالإسناد حدثنا الدارقطني ، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى بن أبي حبة ، حدثنا أبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، حدثنا سمعان بن مالك ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، قال: جاء أعرابي فبال في المسجد ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكانه فاحتفر وصب عليه دلو من ماء .

                                                              قال أبو زرعة هذا الحديث منكر ، وسمعان ليس بالقوي ، قلت: وأبو هشام الرفاعي ضعيف ، قال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : لا أصل لهذا الحديث.

                                                              الحديث الثالث:

                                                              رواه أبو محمد بن صاعد ، عن عبد الجبار بن العلاء ، عن ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن أنس أن أعرابيا بال في المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احفروا مكانه ثم صبوا عليه ذنوبا من ماء.  

                                                              قال الدارقطني : وهم عبد الجبار على ابن عيينة ؛ لأن أصحاب ابن عيينة الحفاظ رووه عنه عن يحيى بن سعيد ، فلم يذكر أحدهم الحفر ، وإنما روى ابن عيينة هذا عن عمرو بن دينار ، عن طاوس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: احفروا مكانه مرسلا ، واختلط على عبد الجبار المتنان [ ص: 79 ] .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية