مسألة: يملك الأب إجبار البكر البالغ على النكاح   . وعنه لا يملك كقول  أبي حنيفة   . لنا حديثان: 
الحديث الأول: 
 1705  - أخبرنا  ابن عبد الخالق  ، قال: أنبأ  عبد الرحمن بن أحمد  ، أنبأ  محمد بن عبد الملك  ، أنبأ  علي بن عمر  ، ثنا الحسين بن إسماعيل  ، قال: ثنا يوسف بن موسى  ، ثنا  سفيان بن عيينة  ، عن  زياد بن سعد  ، عن  عبد الله بن الفضل  سمع  نافع بن جبير  يذكر عن  ابن عباس  أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر يستأذنها أبوها في نفسها  . فوجه الدليل أنه قسم النساء قسمين ثيبا وأبكارا ، ثم خص الثيب بأنها أحق من وليها مع أنها هي والبكر اجتمعتا في ذهنه ، فلو أنها كالثيب في ترجح حقها على حق الولي لم يكن لإفراد الثيب بهذا معنى ، وصار هذا كقوله: في سائمة الغنم الزكاة ، فإن قالوا: لفظ الصحيح في هذا الحديث الأيم ، وهي التي لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا ، وجواب هذا من وجهين: أحدهما: أن لفظ الثيب صحيح. قال  الدارقطني   : روى هذا الحديث جماعة عن  مالك  عن  عبد الله بن الفضل  بهذا الإسناد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: الثيب أحق بنفسها منهم  شعبة   وابن مهدي  وعبد الله بن داود الحربي   وسفيان بن عيينة   ويحيى بن أيوب المصري  وغيرهم كلهم قال: الثيب. والثاني: أن المراد ههنا بالأيم الثيب ، لأنه لما ذكر البكر علم أنه أراد الثيب؛ إذ ليس ثم قسم ثالث. 
الحديث الثاني: 
 1706  - أنبأنا  عبد الوهاب الحافظ  ، أنبأ  أحمد بن الحسن أبو طاهر  ، أنبأ أبو علي بن شاذان  ، ثنا  دعلج  ، ثنا  محمد بن علي بن زيد  ، ثنا  سعيد بن منصور  ، قال: ثنا هشيم  ، ثنا  ابن أبي ليلى  ، عن عبد الكريم  ، عن الحسن  ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تستأمر الأبكار في أنفسهن ، فإن أبين أجبرن  . هذا مرسل ، وفي إسناده  عبد الكريم البصري  وقد أجمعوا على الطعن فيه. احتجوا بتسعة أحاديث: 
 [ ص: 262 ] 
الحديث الأول: 
حديثنا وهو قوله: البكر تستأمر  . 
الحديث الثاني: 
 1707  - أخبرنا  هبة الله بن محمد  ، أنبأ  الحسن بن علي  ، أنبأ  أحمد بن جعفر  ، ثنا  عبد الله بن أحمد  ، حدثني أبي ، ثنا حسين  ، ثنا جرير  ، عن أيوب  ، عن  عكرمة  ، عن  ابن عباس  أن جارية بكرا أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة ، فخيرها النبي -صلى الله عليه وسلم-  . 
الحديث الثالث: 
 1708  - قال أحمد   : وثنا  عبد الرزاق  ، أنبأ  ابن جريج  أخبرني  عطاء الخراساني  ، عن  ابن عباس  أن خذاما أبا وديعة  أنكح ابنته رجلا ، فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فاشتكت إليه أنها نكحت وهي كارهة ، فانتزعها النبي -صلى الله عليه وسلم- من زوجها وقال: لا تكرهوهن  . 
الحديث الرابع: 
 1709 – وبالإسناد- قال أحمد   : وثنا  وكيع  ، عن  كهمس بن الحسن  ، عن  عبد الله بن بريدة  عن  عائشة  قالت: جاءت فتاة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله ، إن أبي ونعم الأب هو زوجني ابن أخيه ليرفع من حيسته ، قالت: فجعل الأمر إليها ، فقالت: إني قد أجزت ما صنع أبي ، ولكني أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء  . 
الحديث الخامس: 
 1710  - أخبرنا  ابن عبد الخالق  ، أنبأ  عبد الرحمن بن أحمد  ، قال: ثنا  ابن بشران  ، ثنا  علي بن عمر الدارقطني  ، ثنا محمد بن إسماعيل الأيلي  ، ثنا أحمد بن عبد الله بن سليمان الصنعاني  ، ثنا إبراهيم  ، ثنا  عبد الملك الذماري  ، عن سفيان  ، عن  هشام صاحب الدستوائي  ، عن  يحيى بن أبي كثير  ، عن  عكرمة  ، عن  ابن عباس  أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رد نكاح بكر وثيب أنكحهما أبوهما وهما كارهان ، فرد النبي -صلى الله عليه وسلم- نكاحهما  . 
الحديث السادس: 
 1711  - وبالإسناد قال  الدارقطني   : وثنا عمر بن محمد بن القاسم الأصبهاني  ، ثنا محمد بن أحمد بن راشد  ، ثنا موسى بن عامر  ، ثنا الوليد  ، قال: قال  ابن أبي ذئب  أخبرني  نافع  ، عن  ابن عمر  أن رجلا زوج ابنته بكرا فكرهت ذلك ، فرد النبي -صلى الله عليه وسلم- نكاحها  . 
وفي رواية أخرى عن  ابن عمر  ، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينتزع النساء من أزواجهن ثيبات وأبكارا بعد أن يزوجهن الآباء إذا كرهوا ذلك  . 
 [ ص: 263 ] 
الحديث السابع: 
 1712  - وبالإسناد قال  الدارقطني   : وثنا ابن صاعد  ، ثنا  الحسن بن محمد الزعفراني  ، ثنا  الحكم بن موسى  ، ثنا  شعيب بن إسحاق  ، عن  الأوزاعي  ، عن عطاء  ، عن جابر  أن رجلا زوج ابنته وهي بكر من غير أمرها ، فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم- ففرق بينهما  . 
والجواب أما استئمار البكر فلتطييب قلبها ، وجمهور الأحاديث محمول على أنه زوج من غير كفء ، وقولها: زوجني ابن أخيه يكون ابن عمها من الأم على أنه قد قال  الدارقطني   : حديث  ابن عباس  وجابر   وعائشة  مراسيل ، وأبو بريدة  لم يسمع من  عائشة  ، وقد أنكر أحمد  حديث جابر  ، وقال  الدارقطني   : الصحيح أنه مرسل عن عطاء  أن رجلا ، وقول شعيب  وهم. قال: وحديث الذماري  وهم فيه الذماري  على سفيان  والصواب عن  عكرمة  مرسل. قال: وحديث  ابن عمر  لا يثبت عن  ابن أبي ذئب  لم يسمعه من  نافع  ، إنما سمعه من عمر بن حسين  ، وقد سئل عن هذا الحديث أحمد  فقال: باطل. 
				
						
						
