الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              كتاب الجنايات

                                                              مسألة: لا يقتل المسلم بالكافر  ، وقال أبو حنيفة : يقتل بالذمي. لنا ثلاثة أحاديث:

                                                              [ ص: 308 ]

                                                              الحديث الأول:

                                                              1752 - أخبرنا هبة الله بن محمد ، أنبأ الحسن بن علي التميمي ، أنبأ أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي ، ثنا سفيان ، عن مطرف ، عن الشعبي عن أبي جحيفة ، قال: سألت عليا -عليه السلام- هل عندكم من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء بعد القرآن؟ قال: والذي خلق الجنة وبرأ النسمة إلا فهم يؤتيه الله -عز وجل- رجلا في القرآن ، أو ما في هذه الصحيفة. قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل ، وفكاك الأسر ، ولا يقتل مسلم بكافر . انفرد بإخراجه البخاري .

                                                              طريق آخر:

                                                              1753 - وبه قال أحمد : وثنا يحيى ، ثنا سعيد بن أبي عروبة ، ثنا قتادة ، عن الحسن عن قيس بن عباد ، قال: انطلقت أنا والأشتر إلى علي -عليه السلام- فقلنا: هل عهد إليك نبي الله شيئا لم يعهده إلى الناس عامة؟ قال: لا ، إلا ما في كتابي هذا. قال: وكان في قراب سيفه فإذا فيه: المؤمنون تتكافأ دماؤهم ، وهم يد على من سواهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، ألا لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده. .

                                                              الحديث الثاني:

                                                              1754 - قال أحمد : وثنا هاشم بن القاسم ، ثنا محمد بن راشد الخزاعي ، عن سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى أن لا يقتل مسلم بكافر .

                                                              الحديث الثالث:

                                                              1755 - أنبأنا سعد الخير بن محمد ، أنبأ عبد الرحمن بن حمد الدوني ، أنبأ أحمد بن الحسين الكسار ، قال: أنبأ أبو بكر أحمد بن محمد السني ، ثنا أبو عبد الرحمن النسائي ، أنبأ أحمد بن حفص بن عبد الله ، قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم عن [ ص: 309 ] عبد العزيز بن رفيع ، عن عبيد بن عمير عن عائشة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل قتل مسلم إلا في إحدى ثلاث خصال: زان محصن فيرجم ، وواحد يقتل مسلما متعمدا ، ورجل يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله فيقتل ، أو يصلب ، أو ينفى من الأرض . احتجوا بما:

                                                              1756 - أخبرنا به ابن عبد الخالق ، أنبأ عبد الرحمن بن أحمد ، ثنا محمد بن عبد الملك ، قال: حدثنا الدارقطني ، ثنا الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاوي أخبرني سعيد بن محمد الرهاوي أن عمار بن مطر حدثهم قال: ثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن ابن البيلماني ، عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قتل مسلما بمعاهد ، وقال: إنا أكرمهم وفى بذمته . قال الدارقطني : لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك الحديث ، والصواب عن ربيعة ، عن ابن البيلماني عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلا ، وابن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة إذا أوصل الحديث فكيف بما يرسله ، والله أعلم. قلت: أما إبراهيم بن يحيى ، فقال مالك بن أنس ويحيى بن سعيد وابن معين : هو كذاب ، وقال أحمد والبخاري : ترك الناس حديثه ، وأما ابن البيلماني فاسمه عبد الرحمن وقد ضعفوه قال أحمد : من حكم بحديث ابن البيلماني فهو عندي مخطئ ، وإن حكم به حاكم فرفع إلى حاكم آخر رده. قال أبو عبيد القاسم بن سلام : ليس حديث ابن البيلماني بمسند ، ولا يجعل مثله إماما يسفك به دماء المسلمين. قال: وقد قال عبد الرحمن بن زياد : قلت: إن قراءكم ليقولون إنا ندرأ الحدود بالشبهات ، فإنكم جئتم إلى أعظم الشبهات فأقدمتم عليها ، فقال: ما هو؟ فقلت: المسلم يقتل بالكافر. قال: فاشهد أنت على رجوعي عن هذا ، وقد ذكروا في التعاليق أن الذي قتله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالذمي عمرو بن أمية الضمري ، وعمرو عاش بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سنين. قالوا: فقد قتل علي مسلما بكافر. قلنا: ليس كذا الحديث.

                                                              1757 - أخبرنا به ابن عبد الخالق ، قال: أنبأ ابن يوسف ، ثنا محمد بن عبد الملك ، قال: ثنا علي بن عمر ، ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، ثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا محمد بن عديس ، ثنا يونس بن أرقم ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن حسين بن ميمون ، عن أبي الجنوب ، قال: قال علي : من كانت له ذمة فدمه كدمائنا. قال الدارقطني : وأبو الجنوب ضعيف ، ثم نحمله على أن دمه محرم كتحريم دمائنا.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية