وقال في حديث أبو سليمان أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى يكثر التراز". مجاهد
أخبرناه أخبرنا ابن الأعرابي، أخبرنا عباس الدوري، أخبرنا عثمان بن أبي شيبة، عن محمد بن بشر العبدي، مجاهد بن رومي، عن مجاهد بن جبر.
التراز: موت الفجاءة، قال رؤبة:
عواثرا موتن موت الترز
وقال الشماخ:
كأن الذي يرمي من الوحش تارز
يصفه بالإصابة في الرمي، يريد الرمية، لا يمكنه أن يحيد عن سهمه، فكأنه ميت تارز لا حراك به.
والتراز: مأخوذ من قولك: ترز الشيء إذا يبس، ويقال: خرجت خبزتك تارزة: أي: يابسة، وأترزته الريح إذا أيبسته، قال امرؤ القيس:
[ ص: 68 ]
بعجلزة قد أترز الجري لحمها كميت كأنها هراوة منوال
وقد يشبه الميت والنائم الذي لا حراك به بالخشب اليابس والشجر البالي، ومنه الحديث في نعت المنافقين: "إنهم خشب بالليل" أي: نيام لا يتهجدون.
وقال امرؤ القيس يذكر أن فرسه قد أصاده حمرا وتيوسا، فصرعهن كأنهن الشجر البالي:
فغادر صرعى من حمار وخاضب وتيس وثور كالهشيمة قرهب
فالهشيمة: شجرة يابسة قد سقطت، شبه الثور مصروعا بها.
فأما الحديث الذي يرويه رفعه قال: الحسن قالوا: يا رسول الله، ما الموت الأبيض؟ قال: "موت الفجاءة" . "لا تقوم الساعة حتى يظهر الموت الأبيض"،
فإنما نراه -والله أعلم- سماه الموت الأبيض؛ لأنه يغافص الإنسان مغافصة من غير أن يتقدمه مرض يغير لونه، لكن يأخذه ببياض لونه ونضارته، فلذلك سماه الموت الأبيض.
فأما الموت الأحمر فإنما يقال ذلك لشدته وصعوبته، والموت على كل حال شديد، والله المستعان.
[ ص: 69 ]
وقال في حديث أبو سليمان مجاهد وطعامه متاعا لكم وللسيارة قال: "أجناب الناس كلهم". في قوله:
يرويه: شبابة، عن عن ورقاء، ابن أبي نجيح، عن . مجاهد
الأجناب: الغرباء، واحدهم جنب، قال الله تعالى: والجار الجنب ، وهو الذي جاورك من قوم آخرين، قال الحطيئة:
والله ما معشر لاموا امرأ جنبا من آل لأي ابن شماس بأكياس
وقالت الخنساء:
فابكي أخاك لأيتام وأرملة وابكي أخاك إذا جاورت أجنابا
ومثله: رجل جانب وقوم جناب، كقولك: راكب وركاب.
ويقال: رجل جنب وامرأة جنب وقوم جنب، الواحد والجماعة والذكر والأنثى فيه سواء.