الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لما أخبر بشكوى سعد بن عبادة خرج على حماره يعفور، وأسامة بن زيد رديفه، فمر بمجلس عبد الله بن أبي، وكانت المدينة إنما هي سباخ وبوغاء، فلما دنا من القوم جاءت العجاجة، فجعل ابن أبي طرف ردائه على أنفه وقال: يذهب محمد إلى من قد أخرجه من بلاده، فأما من لم يخرجه وكان قدومه كث منخره، فلا يغشاه .

يرويه الواقدي، حدثني يحيى بن عبد العزيز بن سعيد، عن أبيه.

قال الأصمعي: البوغاء: التربة الرخوة التي كأنها ذريرة.  قال أبو زيد: الدقعاء والترباء والثرياء: التراب، وأراه قال: اللين. قال عمر بن أبي ربيعة:


في ظل دانية الغصون وريقة نبتت بأبهر طيب الثرياء



وقوله: كث منخره، إنما هو بمنزلة قولك: رغم أنفه، قال الشاعر:


ومولاك لا يهضم لديك فإنما     هضيمة مولى القوم كث المناخر



وأرى أصل هذا من الكثكث، وهو التراب. يقال للكاذب: بفيه الكثكث والكثكث، يقال ذلك: بفتح الكاف وكسرها، وحكى اللحياني، عن أعرابي فصيح أن رجلا قال له: ما تصنع بي؟ قال: ما كتك وأرغمك هكذا، قال: بالتاء التي هي أخت الطاء، ويشبه أن يكونا لغتين، وإنما سمي حماره اليعفور لعفرة لونه. والعفرة: حمرة يخالطها بياض، يقال: أعفر [ ص: 348 ] ويعفور، وأخضر ويخضور، وأصفر ويصفور، وأحم ويحموم، قال الشاعر:


عيدان شطي دجلة اليخضور



التالي السابق


الخدمات العلمية