الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنه كان لعامر بن ربيعة ابن اسمه عبد الله فأصابته رمية يوم الطائف، فضمن منها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمه ودخل عليها وهي نسوء: أبشري بعبد الله خلفا من عبد الله"، فولدت غلاما فسمته عبد الله، فهو عبد الله بن عامر"   .

أخبرناه ابن الأعرابي، نا عباس الدوري، نا يحيى بن معين، عن أبي معشر بإسناد ذكره.

قوله: "ضمن منها"  أي: زمن يقال: ضمن الرجل ضمانة، ورجل ضمن ورجال ضمنى. ومنه الحديث: "من اكتتب ضمنا، بعثه الله زمنا"، وهذا في الرجل يضرب عليه البعث، فيتعالل ويتمارض، وليس به مرض.

وأخبرني أبو عمر، عن أبي العباس ثعلب أن أعرابيا جاء إلى صاحب الفرض، فقال:


إن تكتبوا الضمنى فإني لضمن من داخل القلب وداء مستكن



وقوله: "وهي نسوء" أي: مظنون بها الحمل . قال الأصمعي: يقال [ ص: 409 ] للمرأة أول ما تحمل: قد نسئت، فهي نسء. قال غيره: امرأة نسء، ونساء نساء جمع نسء، وفيها ثلاث لغات: نسء ونسء ونسء، وإنما قيل لها نسء؛ لأن حيضها تأخر عن وقته من نسأ فلان الشيء إذا أخره. ومنه النسيئة في البيع. قال الله تعالى: إنما النسيء زيادة في الكفر وهو تأخيرهم الأشهر الحرم إلى أشهر الحل، واستحلالهم فيها القتال. قال الشاعر:


ألسنا الناسئين على معد     شهور الحل نجعلها حراما



ويقال في الدعاء: نسأ الله في أجله، وأنسأه الله.

وأخبرني أحمد بن محمد بن سهل، نا محمد بن الربيع الجيزي، أنا أبي، عن ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبد الله بن صالح، قال: كانت زينب بنت رسول الله تحت أبي العاص بن الربيع، فلما خرج رسول الله إلى المدينة أرسلها إلى أبيها وهي نسوء، فأنفر بها المشركون بعيرها حتى سقطت، فنفثت الدماء مكانها، وألقت ما في بطنها، فلم تزل منه ضمنة حتى ماتت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

التالي السابق


الخدمات العلمية