الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي"   .

أخبرناه ابن الأعرابي، نا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، نا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه.

وفي رواية أخرى: "وأنا العاقب"، وقد ذكره أبو عبيد في كتابه إلا أنه لم يفسر قوله: "يحشر الناس على قدمي" وفيه قولان:

أحدهما: أنه أول من يحشر من الخلق، ثم يحشر الناس على قدمه أي: على أثره. ويدل على هذا المعنى رواية أبي خيثمة، عن سفيان، عن الزهري، عن محمد بن جبير، عن أبيه أنه قال: "وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي".

والآخر: أن يكون أراد بقدمه عهده وزمانه. قال بعض أهل اللغة: يقال: كان ذلك على رجل فلان، وعلى قدم فلان، وعلى حي فلان أي: في عهده وزمانه.

[ ص: 426 ]

وحكي عن الأصمعي قال: قال سعيد بن المسيب ذات يوم: إني رأيت في المنام موسى يمشي على البحر حتى صعد إلى قصر، ثم أخذ برجل شيطان فألقاه على البحر، وإني لا أعلم نبيا هلك على رجله من الجبابرة ما هلك على رجل موسى، وأظن هذا قد هلك يعني عبد الملك بن مروان فجاء نعيه بعد أربع.

قال الأصمعي: قوله: على رجل موسى أي: في زمانه، والمعنى أن شريعته لا تنسخ إلى يوم القيامة.

وأما قوله: "إن لي أسماء" فإنه أراد -والله أعلم- أن هذه الأسماء مذكورة في كتب الله المنزلة على الأمم التي كذبت بنبوته حجة عليهم.

ويروى عن ابن عباس أنه قال: "ليس من نبي له اسمان غير المسيح ويعقوب إسرائيل.

وقال غيره: خمسة من الأنبياء لهم اسمان: أحمد ومحمد وعيسى والمسيح وذو الكفل وإلياس وإسرائيل ويعقوب ويونس وذو النون.

التالي السابق


الخدمات العلمية