أخبرناه محمد بن المكي، ثنا ثنا الصائغ، نا سعيد بن منصور، عن فليح بن سليمان، عن زيد بن أسلم، لم يذكر عطاء بن يسار. ابن المكي في روايته يزعبها. رواه غيره.
قال قوله: "يزعبها" يقال: مر يزعب بحمله إذا استقام به. وأنشد قول الأصمعي: جميل بن معمر:
له من خوافي النسر حم نظائر ونصل كنصل الزاعبي فتيق
يريد بالزاعبي ما اعتدل من الرماح واستقام. وقال غيره: الزاعبي منسوب إلى زاعب: رجل من الخزرج كان يعمل الأسنة. والفتيق: المحدد.
والعذق بالفتح: النخل. والعذق بالكسر: الثمر، والقنو: العثكال بما عليه من الثمر. وفي رواية أخرى: "أنه أخذ مخرفا فأتى عذقا له". والمخرف: وعاء شبه الدوخلة يجمع فيه جني الثمر، فأما المخرف فهو جنى النخل، قاله وقوله: "رقي عذقا" يريد نخلة. أبو عبيد. وعلى هذا تأول قوله -صلى الله عليه وسلم-: "عائد المريض على مخارف الجنة". وقال أبو عبيد: إنما سمي مخرفا؛ لأنه يخترف منه أي: يجتنى. وأنكر ابن قتيبة هذا التفسير، وزعم أنه غلط بين من أبي عبيد؛ لأنه ذكر أن المخرف جنى النخل، [ ص: 483 ] وجنى النخل: رطبه وثمره، وذلك مخروف النخل. قال: وإنما المخرف النخل بعينه. والدليل على ذلك قول للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن لي مخرفا، وإني أريد أن أجعله صدقة. أراد أن لي نخلا. وأراد أن عائد المريض في بساتين الجنة؛ لأنه استحقها بالعيادة، فهو صائر إليها. أبي طلحة
قال قول أبو سليمان: أبي عبيد صحيح. ووجهه بين واضح في مذهب اللغة. والمخرف: خرفة الثمر، وهو ما يخترف منه كالمحرم في الحرمة. يقال: هتك فلان محرما أي: حرمة. قال حميد بن ثور:
فأردت أن أغشى إليها محرما ولمثلها يغشى إليها المحرم
وقد جاء هذا في حديث مرفوع.
أخبرناه نا ابن الأعرابي، نا محمد بن عبد الملك الدقيقي، أنا يزيد بن هارون، عن عاصم الأحول، عبد الله بن زيد، عن عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أبي أسماء الرحبي، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثوبان مولى رسول الله "من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة، قيل: يا رسول الله، وما خرفة الجنة؟ قال: جناها".
والحسي: حفيرة قريبة القعر. ويقال: إن الحسي لا يكون إلا في أرض أسفلها حجارة وفوقها رمل، فإذا مطرت نشفته الرمال، فإذا انتهى إلى الحجارة أمسكته، فإذا جاء وقت الحر نبش عنه الرمل واستقي منه الماء العذب.
[ ص: 484 ]
قوله: "لا أرى لك هانئا" فإن المشهور من هذا الحديث أنه قال: "لا أرى لك ماهنا". والماهن: الخادم. والمهنة: الخدمة. فأما الهانئ فمن قولك: هنأته أي: أعطيته. ومنه المثل: "سميت هانئا لتهنأ" أي: إنما سدت لتحمل كل الناس، وتفضل عليهم.