الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه أنه قال لجرير بن عبد الله: "تهيأ حتى تسير إلى بيت قومك خثعم وذي الخلصة، فتدعوهم إلى الإسلام وتكسر صنمهم" فقال: يا رسول الله، إني رجل قلع. فقال: "اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا".  

حدثناه الأصم، نا أبو أمية الطرسوسي، نا أبو الحسن بن مقاتل المروزي، نا حصين بن عمر الأحمسي، نا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير.

القلع: الذي لا يثبت في السرج، وقد قلع قلعة. يقال: رجل قلع مثل [ ص: 661 ] عمل من العمل، ولبث من طول اللبث بالمكان. وقرأ بعضهم: لابثين فيها أحقابا . وقال ساعدة بن جؤية:


حتى شآها كليل موهنا عمل باتت طرابا وبات الليل لم ينم

يريد أن البقر باتت طرابا إلى البرق، وبات البرق لم ينم. والعمل من صفة البرق.

ويقال رجل قلع بكسر القاف وسكون اللام، والأميل مثل القلع، وهو الذي إذا ركض الدابة مال سريعا فزال عن متنها.

وقال الأعشى:


نحن الفوارس يوم الحنو ضاحية     جنبي فطيمة لا ميل ولا عزل

والأميل أيضا: هو الذي إذا ركب كان في شق؛ قال الشاعر:


لم يركبوا الخيل إلا بعد أن هرموا     فهم ثقال على أعجازها ميل

وحكى الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء قال: رأيت رجلا راكبا وأبوه يمشي فقلت أتركب وأبوك يمشي؟ فقال: إنه لا يأتبل، أي لا يثبت على الإبل، ويقال في ضد ذلك فارس ثبت إذا كان لا يزول عن متن فرسه، كما يقال: ثبت الجنان إذا كان رابط الجأش، وأنشدني أبو عمر، عن أبي العباس ثعلب:

[ ص: 662 ]

الرمح لا أملأ كفي به     واللبد لا أتبع تزواله

يقول: إن انحل الحزام فمال اللبد لم أمل معه. وقوله: الرمح لا أملأ كفي به فيه قولان: أحدهما: أنه لحذقه بالطعان لا يشد على الرمح بجميع كفه، وإنما يختلس الطعن خلسا. والقول الآخر: أن الرمح لا يملأ كفه بأن يشغلها عن غيره من السلاح، لكنه يقاتل مع الرمح بالسيف وغيره.

التالي السابق


الخدمات العلمية