الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه: "أنه بعث سرية قبل أرض بني سليم وأميرهم المنذر بن عمرو أخو بني ساعدة فلما كانوا ببعض الطريق بعثوا حرام بن ملحان بكتاب من رسول الله صلى الله عليه فلما أتاهم انتحى له عامر بن طفيل فقتله ثم قتل المنذر فقال رسول الله "أعنق ليموت" قال: وتخلف منهم ثلاثة فهم يتبعون السرية فإذا الطير ترميهم بالعلق قالوا: قتل والله أصحابنا إنا لنعرف ما كانوا ليقتلوا عامرا وبني سليم وهم الندي . . .  في حديث طويل.

حدثناه محمد بن يحيى الشيباني نا الصائغ نا إبراهيم بن المنذر الحزامي عن محمد بن فليح عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب.

قوله: انتحى له: أي عرض له ومثله تنحى له.

قال ذو الرمة [يصف ناقة:]

نهوض بأخراها إذا ما انتحى لها من الأرض نهاض الحزابي أغبر

وقال أيضا [ ص: 137 ] :


تنحى له عمرو فشك ضلوعه     بنافذة نجلاء والخيل تضبر

وقوله: "أعنق ليموت" مثل يريد أن المنية ساقته إلى مصرعه والعنق ضرب من السير والعلق الدم الجامد قبل أن ييبس والندي: القوم المجتمعون ومثله النادي ويقال تنادى القوم إذا اجتمعوا في النادي وهو المجلس وناديت الرجل إذا جالسته قال الشاعر:


ألا من مبلغ الحجاج أني     أنادي القوم من أهل العراق

يريد أجالسهم في ناديهم وسميت دار الندوة لأنهم كانوا يندون إليها إذا حزبهم أمر فيتشاورون قال الفراء: العرب تقول النادي يشهدون عليك يجعلون النادي والمجلس والمشهد قوم الرجل وأنشد:


لهم مجلس صهب السبال أذلة     سواسية أحرارها وعبيدها

وقال المهلهل يرثي أخاه كليبا:


ذهب الخيار من المعاشر كلهم     واستب بعدك يا كليب المجلس

وكان كليب لعزه لا يرفع بحضرته صوت ولا تسمع في ناديه كلمة خنى.

ومن حديث أبي عوانة عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن جابر أنه صنع لرسول الله صلى الله عليه طعاما فدعاه ودعا حواريه فأكلوا حتى شبعوا [ ص: 138 ] وإن مجلس بني عوف ينظرون إليه" يريد جماعتهم ويقال حضر القاضي مجلس بني فلان أي جماعتهم وأنشدني أبو عمر عن أبي العباس ثعلب عن ابن الأعرابي يصف النوق:


فأقبلن إربابا وأعرضن هيبة     صدود العذارى قابلتها المجالس

قال: قلت لابن الأعرابي لم يعرضن ومن شأنهن الملاقاة؟ فقال لأنه -أعني الفحل- إذا رآهن عذمهن أي عضهن.

التالي السابق


الخدمات العلمية