الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث عمر أنه لما تكلم بالكلام المذكور عنه يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبويع لأبي بكر قام فقال : أما بعد فإني قد [ ص: 63 ] قلت لكم مقالة لم تكن كما قلت ولكنني كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدبرنا .

أخبرناه محمد بن هاشم أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس .

قوله يدبرنا معناه  يخلفنا بعد موتنا ويبقى خلافنا .

.

أخبرني أبو عمر أخبرني أبو موسى عن أبي العباس ثعلب قال : يقال : للرجل إذا مشى خلف الرجل هو يخلفه ويذنبه ويدبره .

وقال الأصمعي : يقال : دبر السهم الهدف وهو يدبره دبرا إذا صار من وراء الهدف وقع خلفه .

قال أبو عبيدة من قرأ "والليل إذا دبر" أراد أنه يدبر النهار فيكون في آخره ومن قرأ (إذا أدبر) أراد إذا ولى . ودابر القوم آخرهم .

ومنه قول الله تعالى : فقطع دابر القوم الذين ظلموا وقال الشاعر :


آل المهلب جذ الله دابرهم أضحوا رمادا فلا أصل ولا طرف [ ص: 64 ]



وكان كلام عمر الذي استقال العثرة فيه أنه لما نعي إليه رسول الله أصابته حيرة شديدة وتصعدته كآبة انقطع معها عن تأمل قوله تعالى : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية . فأنكر لذلك موته وتوعد من يقول ذلك وزعم أنه لا يموت حتى يتقدمه أصحابه فلما قرأ أبو بكر عليه الآية قال : والله لقد كنت أقرأ هذه السورة فما فهمتها حتى الآن واستيقن عند ذلك بموته .

قال أبو سليمان هذا ما رواه لنا ابن الأعرابي حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي أخبرنا يعقوب بن محمد الزهري أخبرنا عبد العزيز بن عمران عن منصور بن أبي الأسود عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس عن عمر قال : لما كان يوم أحد كنت أتوقل كما تتوقل الأروية فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من أصحابه وهو يوحى إليه وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية .

وقوله أتوقل معناه  أرقى في الجبل . يقال : وعل وقل ووقل ووقل . وقد وقل الرجل في الجبل وتوقل إذا ارتقى فيه . قال الأعشى يذكر رجلا ارتقى في جبل يشتار عسلا :


فهراق في طرف العسيب إلى     متوقل بنواطف صفر [ ص: 65 ]



والعسيب جبل . يريد أنه مد إليه حبلا ويقال : تقذقذ الرجل في الجبل وزنأ فيه إذا صعد . قال الشاعر :


وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل

.

والأروية الأنثى من الوعول . يقال : أروية وأراوي ما بين الثلاث إلى العشر فإذا كثرت فهي الأروى .

التالي السابق


الخدمات العلمية