الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث علي:

أنه كان يقول: حبذا أرض الكوفة أرض سواء سهلة معروفة.

أخبرناه ابن الأعرابي أخبرنا عباس بن محمد الدوري حدثنا يحيى بن معين أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار .

قال الدوري قلت ليحيى بن معين ما قوله: أرض سواء. قال: مستوية.

قال أبو سليمان : وهذا صحيح كما قاله، وكل مستو من أرض ومكان أو غير ذلك من شيء فهو سواء، ومنه قول الله تعالى: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء أي: عدل ذات استواء.

قال الشاعر:


فاضرب وجوه الغدر الأعداء حتى يجيبوك إلى السواء

[ ص: 188 ] والسواء الوسط أيضا. وقال عيسى بن عمر في كلام له: لقد كتبت حتى انقطع سوائي، يريد ظهره، وقال حسان:


يا ويح أنصار النبي ورهطه     بعد المغيب في سواء الملحد

والسواء: التمام أيضا. يقال: هذا درهم سواء أي: تام ومن هذا قول الله تعالى: في أربعة أيام سواء للسائلين  معناه والله أعلم تماما.

ويقال هذا مكان سوى إذا كان وسطا بين موضعين، ومن هذا قوله تعالى: مكانا سوى .

وقال الشاعر:


وإن أبانا كان حل ببلدة     سوى بين قيس قيس عيلان والفزر



والسهلة إذا أردت نعت الأرض كانت نقيضة الحزنة، وإذا كسرت السين فهي الأرض التي ترابها كالرمل، وتربة أرض الكوفة شبيهة بذلك.

واختلفوا في تسمية الكوفة فقال بعضهم: إنما سميت الكوفة لاستدارتها، والعرب تسمي الرملة المستديرة كوفانا.

وأنشدني أبو عمر أنشدني العطافي:


اربع على القبر بظهر الكوفة     وقل لكوفان شبيه الجنة

[ ص: 189 ] .

وقال آخرون: إنما سميت كوفة لاجتماع الناس بها. يقال: تكوف الرمل إذا ركب بعضه بعضا.

وقال الأصمعي: سميت الكوفة لأن سعدا لما فتح القادسية نزل المسلمون الأنبار فأذاهم البق فخرج سعد يرتاد لهم موضعا، وقال لهم: تكوفوا في هذا الموضع أي: اجتمعوا فيه، ويقال: بل أخذت من الكوفان، يقال: هم في كوفان، أي: في بلاء وشر.

قال الشاعر:


وما أضحي ولا أمسيت إلا     أراني منكم في كوفان



والمعروفة: الطيبة العرف.

وأخبرني أبو عمر قال: قال أبو العباس: يقال: حبذا كذا بمعنى ما أحبه قال: ومثله شبذا.

التالي السابق


الخدمات العلمية