الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث أبي ذر أنه سئل عن ماله فقال: فرق [ ص: 275 ] لنا وذود  قيل: يا أبا ذر إنما سألتك عن صامت المال قال: ما أصبح لا أمسى وما أمسى لا أصبح.

يرويه مسلم بن إبراهيم نا الأسود بن شيبان عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن مطرف.

الفرق القطعة من الغنم قال الشاعر:


كأني إذ أتيتهم بفرقي أتيتهم بأثقل من نضاد

ونضاد جبل يقال فرق من الطير وفريق وفرقة وفرق من الناس كذلك.

وقال أعرابي لصبيان رآهم هؤلاء فرق سوء.

والذود من الإبل ما دون العشرة اسم جماعة لا واحد لها من لفظه كالإبل ويجمع على الأذواد قال الشاعر:


يا صاحبي ألا لاحي بالوادي     إلا عبيد وآم بين أذواد

وقوله ما أصبح لا أمسى يريد لم يمس وقد تقع لا في ماضي الفعل بمعنى لم كقوله:


وأي عبد لك لا ألما

[ ص: 276 ] أي لم يلم بذنب ولم يقارف إثما وقال آخر:


زنا على أبيه ثم قتله     فأي فعل سيئ لا فعله

وتقع لم بمعنى لا كقولك ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن أي ما لا يشاء لا يكون.

يريد أبو ذر أنه لا يذخر صامتا ولا يمسكه تمام يوم أو ليلة إنما يصطرف منه ما ينفقه لوقته.

وقال أبو سليمان في حديث أبي ذر أنه قال أحب الإسلام وأهله وأحب الغثراء.

حدثنيه محمد بن سعدويه نا ابن الجنيد نا الحسين بن حريث نا الفضل بن موسى أنا حميد النحوي عن يونس بن عبيد عن الحسن.

قال الأصمعي: الغثراء من الناس الغوغاء وقال أبو زيد هم الكثير المختلطون وقال بعض أهل اللغة إنما سميت العامة الغثراء لغلبة الجهل عليها يقال رجل أغثر إذا كان جاهلا وامرأة غثراء وفي فلان غثارة ولم يرد أبو ذر بالغثراء هاهنا الغوغاء والجهال وإنما أراد بها عامة الناس ودهماءهم وأراد بالمحبة المناصحة لهم والشفقة عليهم ويقال إنهم إنما سموا [ ص: 277 ] الغثراء لكثرتهم ووفور عددهم. يقال: شاة غثراء إذا كانت كثيرة الصوف وكساء أغثر إذا غلظ صوفه وكثر زئبره.

.

أخبرني أبو عمر أنا ثعلب عن ابن الأعرابي قال هم الغثراء والبغثاء والبرشاء.

التالي السابق


الخدمات العلمية