الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث خباب أنه أتي بكفنه فلما رآه بكى وقال: لكن حمزة لم يكن له إلا نمرة ملحاء إذا غطي بها رأسه قلصت عن قدميه وإذا غطي بها قدمه قلصت عن رأسه.  

يرويه عبيد الله عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة عن خباب.

النمرة بردة من صوف تلبس ومنه قول عتبة بن غزوان وجدت نمرة أنا وسعد بن مالك فشققناها إزارين.

ومن هذا حديث جرير بن عبد الله البجلي حدثناه أحمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن أيوب نا أبو الوليد نا شعبة عن عون بن أبي جحيفة قال: [ ص: 297 ]

سمعت المنذر بن جرير يحدث عن أبيه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه فجاء قوم حفاة عراة مجتابي النمار عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فرأيت وجه رسول الله قد تغير لما رأى بهم من الفاقة ثم حث على الصدقة.

قوله: مجتابي النمار يريد أنهم قد اقتطعوها وشقوها أزرا بينهم. يقال جبت الثوب واجتبته قال الشماخ:


كأنها وابن أيام ترببه من قرة العين مجتابا ديابود

يريد أن هذه الوحشية من حبها لولدها واشتمالها عليه بأطرافها كأنهما لابسا ثوب واحد وهو الديابود ويقال إنه البزيون وأصله فارسي معرب يريد ثوبا ذا نيرين ويقال أيضا اجتبت الثوب بمعنى لبسته.

وقال أبو عمر جبت القميص إذا قورت جيبه وجيبته إذا عملت له جيبا.

والملحاء: بردة صفيقة فيها خطوط من بياض وسواد يقال ثوب أملح وبردة ملحاء قال الشاعر:


لكل دهر قد لبست أثوبا     حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا


أملح لا لذا ولا محببا

[ ص: 298 ] ومن هذا الباب حديثه الآخر حدثنيه ابن مالك نا الحسن بن سفيان نا هناد بن السري نا أبو الأحوص عن أشعث بن أبي الشعثاء عن امرأة منهم عن عبيد بن خالد قال كنت رجلا شابا بالمدينة فخرجت في بردين وأنا مسبلهما فطعنني رجل منهم إما بإصبعه وإما بقضيب كان معه فالتفت فإذا رسول الله قال: فقلت إنما هي ملحاء قال: "وإن كانت ملحاء أما لك في أسوة".

[ ص: 299 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية