قال في حديث أبو سليمان سعد أنه: سعد ناحته الجن فقالت:
قد قتلنا سيد الخزرج سعد بن عباده ورميناه بسهمين فلم نخط فؤاده
. لما ماتحدثناه نا ابن السماك موسى بن سهل الوشاء نا عن يزيد بن هارون عن سعيد بن أبي عروبة ابن سيرين.
قوله: رميناه بسهمين تأوله بعض الناس على أن الجن قد عانته أي أصابته بعيونها وجعل السهمين كناية عن العينين قال: ويقال: عيون الجن أنفذ من أسنة الرماح قال: والعرب قد تكني بالسهام عن العيون قال امرؤ القيس:
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي بسهميك في أعشار قلب مقتل
رمى الله في عيني بثينة بالقذى وفي الغر من أنيابها بالقوادح
رمتني بسهم ريشه الكحل لم يصب ظواهر جلدي وهو في القلب جارحي [ ص: 325 ]
قال وهذا وجه يحتمله مذهب الكلام إلا أن الله عز وجل قد أخبر في كتابه أن الجن قد يتأتى منهم الأفعال وأن لهم بطشا وحركة. أبو سليمان
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبار في أن للجن خطفة وانتشارا وتأثيرا في بني آدم: "والعين حق". والله أعلم بالمراد.
وقال ومن مذهب العرب في هذا النحو أنها كانت تسمي الطواعين رماح الجن وتزعم أنها طعن من الشيطان قال أبو سليمان زيد بن جندب:
ولولا رماح الجن ما كان هزهم رماح الأعادي من فصيح وأعجم
لعمرك ما خشيت على أبي رماح بني مقيدة الحمار
ولكني خشيت على أبي رماح الجن أو إياك حار
قال وقد زعم بعض المحدثين أن معنى السهمين في بيت أبو سليمان امرئ القيس غير معنى العينين وأنه أراد بهما سهمين من سهم الميسر وذلك أنه قسم القلب أعشارا كأعشار الجزور فضربت بسهميها فخرج الثالث. وهو الضريب فأخذت ثلاثة أسهم ثم ثنت فخرج المعلى وله سبعة أنصباء فاحتازت قلبه أجمع.
وكذلك بيت جميل قد يتأول أيضا على غير معنى العينين اللتين تبصر بهما ويقال: إنه أراد بعينيها رقيبيها وبأنيابها سادات قومها حيث حالوا بينه وبينها.
فأما القول المرضي فيه فهو ما ذهب إليه قال هذا على مذهب الدعاء ومعناه التعجب يقول ما أحسن عينيها كما يقال قاتله الله ما أشعره ولعنه الله ما أشده إلى ما أشبه ذلك من كلامهم [ ص: 327 ] أبو العباس ثعلب