حدثنيه محمد بن سعدويه أنا ابن الجنيد ثنا ثنا الحسين بن حريث أوس بن عبد الله بن بريدة حدثني عن الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة أبيه.
قوله: برد أمرنا فيه قولان أحدهما أن يكون معناه سهل أمرنا ومنه قوله صلى الله عليه: ويقال عيش بارد أي ناعم سهل ومن هذا قولهم في الدعاء للميت اللهم برد عليه مضجعه وأنشد "الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة" الباهلي:
قليلة لحم الناظرين يزينها شباب ومخفوض من العيش بارد
والوجه الآخر أن يكون معناه ثبت أمرنا واستقام من قولهم برد لي على فلان حق أي وجب وثبت قال ما برد لك على فلان شيء وكذلك ما ذاب لك عليه شيء ويقال إن أصحابك لا يبالون ما بردوا عليك أي ما ثبتوا عليك قال الشاعر: الأصمعياليوم يوم بارد سمومه من جزع اليوم فلا نلومه
وفيه وجه آخر وهو أن يكون برد بمعنى ضعف وفتر يريد به أمر [ ص: 182 ] قريش والخارجين في أثره من الطلب يقال جد فلان في الأمر ثم برد أي فتر واسترخى قال الراجز:
الأبيضان أبردا عظامي الفث والماء بلا إدام
وأخبرني أنا أبو عمر عن أبو العباس ثعلب قال سمعت ابن الأعرابي أبا المكارم قال كان منا فتى يقال له في الحي علق وكان عفيف الخلوة فجاءنا يوما وهي في بيتها فدخل يتحدث إليها فأسرع الخروج فقلنا له ما لك قال منعني البرد قال فدخلنا فإذا الجارية ميتة ومن هذا حديث أنه شرب النبيذ بعد ما برد غليه أي سكن وقد يجوز أن يكون النوم إنما سمي بردا لهذا المعنى ذلك لأنه يرخي المفاصل ويسكنها وزعم بعضهم أنه إنما سمي بردا لأنه يبرد حرارة العطش ويسكنها. عمر بن الخطاب
وقوله: خرج سهمك معناه الفلج والظفر وأصله في الشيء يتداعاه الجماعة فيستهمون عليه أي يجيلون السهام فمن خرج سهمه منهم حازه دون أصحابه قال الله تعالى: فساهم فكان من المدحضين وقال: إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم [ ص: 183 ] .
وفي الحديث من الفقه استحباب الفأل والتيمن بالاسم الحسن وكان رسول الله صلى الله عليه يحب الفأل ويكره التطير.
أخبرني أبو محمد الكراني ثنا عبد الله بن شبيب نا زكريا بن يحيى المنقري نا قال سئل الأصمعي ابن عون عن الفأل فقال هو أن يكون مريضا فيسمع يا سالم أو يكون باغيا فيسمع يا واجد.
أن الفأل إنما هو من طريق حسن الظن بالله عز وجل والطيرة إنما هي من طريق الاتكال على شيء سواه وفي هذه القصة أن بريدة أسلم ومعه سبعون راكبا من أهل بيته ثم قال الحمد لله إذ أسلمت والفرق بين الفأل والطيرة بنو سهم طائعين غير مكرهين ودعا لهم رسول الله فقال: وذلك لأن إسلامهم كان سلما عن غير حرب. "أسلم سالمها الله"
وأما قوله: فنرى -والله أعلم- أنه إنما خصهم بالدعاء بالمغفرة لمبادرتهم إلى الإسلام وقد أسلم "غفار غفر الله لها" في أول أيام رسول الله وهو أبو ذر بمكة غير ظاهر وفي قصة إسلامه أنه قال أتيت رسول الله فأسلمت فرأيت الاستبشار في وجهه فقال: "من أنت" قلت أنا جندب رجل من غفار فكأنه ارتدع وود أني كنت من غير قبيلتي وذلك لما كانوا يقرفون به من الشر وكانوا يستحلون الشهر الحرام في الجاهلية، [ ص: 184 ] ويسرقون الحجيج فيشبه أن يكون والله أعلم إنما دعا لهم بالمغفرة ليمحو تلك السبة ويزيلها عنهم ثم حسن بلاء هاتين القبيلتين في الإسلام.
حدثنا محمد بن يحيى نا نا الصائغ عن إبراهيم بن المنذر الحزامي عن محمد بن فليح عن موسى بن عقبة قال ويقال كان مع رسول الله صلى الله عليه صلى الله عليه يوم ابن شهاب حنين من أسلم أربع مائة ومن غفار مثل ذلك.