وقال أبو سليمان في حديث ابن عباس أنه قال : أعطهم صدقتك ، وإن أتاك أهدل الشفتين منفش المنخرين .
حدثناه عبد الله بن شاذان الكراني ، نا الساجي ، نا محمد بن موسى الحرشي ، نا عبد ربه بن بارق الحنفي ، سمعت جدي سماك بن الوليد الحنفي يحدث به ، عن ابن عباس . الأهدل : الذي في شفتيه غلظ واسترخاء ، يقال : شفة هدلاء : أي متهدلة ، وقلباء : أي متقلبة ، وقد هدل البعير يهدل هدلا ، ومشفر هدل : أي طويل ، قال ذو الرمة :
على غائرات الطرف هدل المشافر
.وقال عمرو بن شاس :
وأسيافنا آثارهن كأنها مشافر قرحى في مباركها هدل
[ ص: 447 ] ويقال : تهدل الغصن إذا أثقله الثمر واسترخي وسقط بعضه على بعض .
.
وأخبرني أبو رجاء الغنوي ، نا أبي ، عن محمد بن عبد العزيز بن عزان الكندي ، قال : كان الأريقط ينشد الحجاج فغضب الحجاج غضبة في بعض أموره فسكت الأريقط ، فقال له الحجاج : خذ فيما كنت فيه ، فقال ما هو إلا أن غضب الأمير فأرعدت فرائصي واهدالت مفاصلي ، وعلمت أن سلطان الله عزيز ، فذهب عني ما كنت فيه .
وقوله : منفش المنخرين ، هو الذي انفتح منخراه مع قصور المارن وانبطاحه ، وهذا من نعت أنوف الزنج والحبش وشفاهها ، وهو تأويل قوله عليه السلام : " اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي مجدع " .
وفيه من الفقه أنه رأى دفع الصدقات إلى الخارجي المتغلب إذا تأمر على الناس ، وأنه إذا أخذه مرة لم يكن لإمام الجماعة أن يعيدها على أهلها ثانية .


