الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث ابن عباس : في قوله تعالى : وجعلناكم شعوبا وقبائل ، قال : الشعوب : الجماع ، والقبائل : الأفخاذ يتعارفون بها " .   [ ص: 460 ] .

أخبرناه ابن الأعرابي ، نا الدقيقي ، نا يزيد بن هارون ، أنا قيس ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس .

الجماع : يكون بمعنيين أحدهما أن يراد به منشأ النسب وأصل المولد ، وجماع كل شيء : مجتمع أصله . ويقال لما اجتمع في الغصن من براعيم النور هذا : جماع الثمر : أي مجتمع أصله ، ولا أراه ذهب إلى هذا ؛ لأن الشعوب هم العجم ، ومن لا يعرف له أصل نسب فهم شعوب : أي متفرقون من أصول شتى ، وإنما أريد بالجماع ها هنا الفرق المختلفة من الناس .

قال الأصمعي : يقال : هم أوزاع من الناس وأوباش وأوشاب ، وهم الضروب المتفرقون ، قال : والجماع مثله ، قال أبو قيس بن الأسلت :


من بين جمع غير جماع

.

وأخبرني ابن الفارسي ، أخبرني محمد بن المؤمل العدوي ، عن الزبير بن بكار ، قال : العرب على ست طبقات وهي : شعب ، وقبيلة ، وعمارة ، وبطن ، وفخذ ، وفصيلة .

فالشعب تجمع القبائل ، والقبائل تجمع العمائر ، والعمائر تجمع البطون ، والبطون تجمع الأفخاذ ، والأفخاذ تجمع الفصائل ؛ فمضر [ ص: 461 ] شعب ، وكنانة قبيلة ، وقريش عمارة ، وقصي بطن ، وهاشم فخذ ، والعباس فصيلة .

قال أبو سليمان : ثم حضرنا في الشعوب وجه آخر وهو أولى من قولنا المتقدم أنه العجم ومن لا يعرف له أصل نسب ، وهو ما روي ، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية الشعوب : الجمهور مثل مضر .

حدثنيه الأزهري ، نا السعدي ، عن عبد الله بن المستورد ، نا مخول ، نا إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس .

قال أبو سليمان في حديث ابن عباس أنه قال : كان الرجل يرث امرأة ذات قرابة فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها فأحكم الله عن ذلك ونهى عنه .

أخبرناه ابن داسة ، نا أبو داود ، نا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي ، نا علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس .

قوله : أحكم الله عن ذلك : أي منع منه ونهى عنه .

.

أخبرني أبو عمر ، أنبأنا ثعلب والمبرد قالا : يقال : حكمت الفرس وأحكمته [وحكمته] إذا قدعته ، وأنشدا جميعا :

[ ص: 462 ]

أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم     إني أخاف عليكم أن أغضبا

قال أبو زيد : يقال : حكمت الرجل تحكيما ، إذا منعته عما يريد .

قال الكسائي : ومثله حضنته عنه أحضنه .

وقال أبو عمرو : أعذبته عنه إعذابا في معناه ، والآية التي نزلت في النهي عن هذا الصنيع قوله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية