حدثنيه محمد بن نافع ، نا قال : أخبرني إسحاق بن أحمد الخزاعي ، يعقوب بن إسحاق في إسناد له ، قال : دخل على ابن عباس معاوية وكأنه قرحة يتبجس ، وعتبة بن أبي سفيان [جالس] يديم النظر ولا يتكلم ، [ ص: 470 ] فقال له يا أبا الوليد ، ما لي أراك تديم النظر ، وتقل الكلام ، ألغفلة فطالت ، أم لمعتبة فدامت ؟ فقال : يا ابن عباس : أما قلة كلامي معك ، فلقلته مع غيرك ، وأما إدمان النظر إليك فلكثرة ما أرى من سبوغ نعمة الله عليك ، ولو سلطت الحق على نفسك لعلمت أن عين محب لا تقصر عنك ، وأن عين مبغض لا تنالك ، فقال ابن عباس ، أمهيت يا أبا الوليد أمهيت ، ففرح ابن عباس : معاوية عند ذلك فقال :
دعوت عركا فدعوا عراكا جندلتان اصطكتا اصطكاكا
قوله : أمهيت معناه : بالغت في الثناء واستقصيته ، وأصله أن يحفر الرجل فينبط ، يقال : للحافر إذا بلغ الماء قد أمهى وأماه وأموه ، وأنهر وأعين ، قال ابن هرمة :فإنك كالقريحة كاد تمهى شروب الماء ثم تعود ماجا
لعمري لقد نادى بأرفع صوته نعي سويد أن صاحبكم هوى
أجل صادقا والقائل الفاعل الذي إذا قال قولا أنبط الماء في الثرى
من الممهيات الركض ظل كأنه وقد حسرت عنه المحاضير طائر