قال أبو سليمان في حديث معاوية أنه قال لصعصعة بن صوحان أنت رجل تكلم بلسانك فما مر عليك جدلته ولم تنظر في أرز الكلام ولا استقامته فقال له صعصعة : والله إني لأترك الكلام حتى يختمر في صدري ، فما أرهف به ولا ألهب فيه حتى أقوم أوده وأنظر في اعوجاجه فآخذ صفوه وأدع كدره .
حدثنيه محمد بن الطيب المروزي ، نا علي بن محمد بن بشير ، حدثني الهيثم بن مروان ، نا محمد بن عائذ ، نا إسماعيل بن عياش ، عن أبي سهل الخزاعي .
قوله : جدلته أي رميت به يقال : طعنه فجدله أي رمى به إلى الجدالة وهي الأرض ، ومثله طعنه فقطره إذا رمى به على أحد قطريه ، وأرز الكلام حصره وجمعه . وأصل الأرز الاجتماع والانقباض . ومنه الحديث : " إن الإسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها " .
وقوله : فما أرهف به يريد إني لا أركب البديهة ولا أقطع القول بها قبل أن أتأمله وأروي فيه ، ومنه إرهاف السنان ، وسيف مرهف ورهيف أي ماض .
[ ص: 522 ] وقوله : لا ألهب فيه أي لا أمضيه بسرعة والأصل فيه الجري الشديد الذي يثير اللهب ، وهو الغبار الساطع كالدخان المرتفع على النار ، قال النابغة يصف فرسا :
يقطعهن بتقريبه ويأوي إلى حضر ملهب


