أخبرناه ابن الأعرابي وابن الزيبقي ، ودخل حديث أحدهما في الآخر .
قال نا ابن الأعرابي : ثنا ابن أبي الدنيا ، محمد بن عباد بن موسى ، نا قال : حدثني رجل من محمد بن عبد الله الخزاعي بني سليم .
وقال ابن الزيبقي : حدثني أبي ، عن جدي ، عن هشام بن محمد ، عن أبيه ، عن رجل من قريش .
قوله : ذبلت بشرته : أي قل ماؤها وذهبت نضارتها .
[ ص: 523 ] والبشرة : ما يباشره البصر من ظاهر بدن الإنسان ، والأدمة : باطن البدن ، وفي ذبول البشرة وجه آخر ، وهو أن يكون كناية عن الفرج ، يريد أنه قد ضعف واسترخى .
قال في سفيان بن عيينة وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم أراد بالجلود الفروج . قوله عز وجل :
وقوله : قطعت ثمرته يريد ذهاب الزرع وانقطاع النسل ، وهو ثمرة الإنسان ، وهو يؤيد التأويل الآخر في ذبول البشرة .
وقوله : كثر منه ما يحب أن يقل ، يريد آفات الكبر كالسهو والغلط ونحوهما وكالبوال والذنين وما أشبههما من العلل .
وأما صعوبة ما يحب أن يذل فإنه يريد بذلك ما يعرض للمشايخ من جسو المفاصل فيقل معه اللين واللدونة التي بها يكون مطاوعة القبض والبسط من الأعضاء .
وقوله : سحلت مريرته بالنقض ، فإن المريرة الحبل المفتول والسحل : أن يفتل الغزل طاقة واحدة ، يقال : خيط سحيل ، فإذا فتل طاقتين فهو مبرم ، قال زهير :
يمينا لنعم السيدان وجدتما على كل حال من سحيل ومبرم
[ ص: 524 ] وقال ابن هرمة :
أرى الناس في أمر سحيل فلا تكن له صاحبا حتى ترى الأمر مبرما
وقوله : أجم النساء أي ملهن وعافهن كما يعاف الطعام .
ويقال : أجمت اللحم إذا أكثرت منه حتى تعافه .
وقوله : قل انحياشه أي حركته وتصرفه في الأمور ، إلا أن الحركة الضرورية بالارتعاش قد كثرت منه وغلبت عليه .
والسبات : نوم المريض والشيخ المسن ، وهو الغشية الخفيفة .
يقال : سبت الرجل فهو مسبوت ، ويقال : إنه مأخوذ من السبت وهو القطع ، وذلك لأنه سريع الانقطاع .
ويقال : إنما سمي آخر أيام الجمعة سبتا لانقطاع الأيام عنده ، وذلك أن أولها يوم الأحد ، والسبت أيضا السير السريع ، قال الشاعر :
ومطوية الأقراب أما نهارها فسبت وأما ليلها فذميل
وقوله : وليله هبات فإن الهبات من الهبت وهو اللين والاسترخاء ويقال : في فلان هبتة أي ضعف عقل ، وقد هبت السحاب بالمطر إذا أرخت عزاليها ، قال الشاعر :
سقيا مجلجلة ينهل وابلها من باكر مستهل الودق مهبوت
وشبيه بهذا حديث أخبرناه أبي العريان ، نا ابن الأعرابي ، نا عبد الكريم بن الهيثم ، نا إبراهيم بن بشار ، عن سفيان بن عيينة ، قال : دخلوا على عبد الملك بن عمير ، يعودونه فقالوا : كيف تجدك ؟ قال : أجدني يبيض مني ما كنت أحب أن يسود ، واسود مني ما كنت أحب أن يبيض ، ولان مني ما كنت أحب أن يشتد ، واشتد مني ما كنت أحب أن يلين . ألا أخبرك بآيات الكبر : أبي العريان
تقارب الخطو وسوء في البصر وقلة الطعم إذا الزاد حضر
[ ص: 526 ]
وقلة النوم إذا الليل اعتكر وكثرة النسيان فيما يدكر
وتركك الحسناء في قبل الطهر والناس يبلون كما يبلى الشجر
ألا أخبركم بجيد الرطب ؟ هو ما كثر لحاؤه ورق سحاؤه وصغر نواه .