الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث ابن الزبير أنه خطب في اليوم الذي قتل فيه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إن الموت قد تغشاكم سحابه ، وأحدق بكم ربابه ، واخلولق بعد تفرق ، وارجحن بعد تبسق ، وهو منضاخ عليكم بوابل البلايا تتبعها المنايا فاجعلوا السيوف للمنايا فرضا [ ص: 567 ] ورهيش الثرى غرضا ، واستعينوا على ذلك بالصهر فإنه لن تدرك مكرمة مونقة ولا فضيلة سابقة إلا بالصبر   .

يرويه عبد الله بن الأجلح ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه .

الرباب من السحاب ما تدانى منها فرئي كالمتعلق بها قال الشاعر :

كأن الرباب دوين السما ء نعام تعلق بالأرجل

وقوله : اخلولق : أي اجتمع وتهيأ للمطر ، وخلاقة المطر في السحاب علامته .

وقوله : ارجحن : أي ثقل حتى مال من ثقله .

وقوله : بعد تبسق : أي طول وارتفاع يقال : بسق الشيء إذا طال وارتفع .

وقوله : وهو منضاخ عليكم : أي منصب عليكم يقال : انضاخ الماء وانضخ إذا انصب . والوابل أشد المطر [ ص: 568 ] وقوله : اجعلوا السيوف للمنايا فرضا أي طرقا إلى المنايا وأصل الفرض المشارع إلى الماء واحدها فرضة .

وقوله : ورهيش الثرى غرضا ، فيه وجهان :

أحدهما : أن يكون أراد لزوم الأرض يقاتلون على أرجلهم لئلا يحدثوا أنفسهم بالفرار ، وكذلك يفعل البطل إذا رهق نزل عن دابته واستقتل لعدوه .

والآخر : أن يكون أراد به القبر ، يقول : اجعلوا غايتكم الموت .

والرهيش من التراب : المنثال الذي لا يتماسك ، والارتهاش : الاضطراب .

[ ص: 569 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية