حدثنيه ابن مكي، أنا الصائغ، نا سعيد بن منصور، نا إسماعيل بن إبراهيم، نا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين.
قوله: فظننت ما قال، معناه: علمت ما قال، والظن في كلامهم يتردد بين يقين وعلم وشك وجهل، فإذا قوي بيانه سمي علما، وإذا ضعف كان معناه شكا، فمن الأول قوله تعالى: الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم أي: يعلمون ويستيقنون.
ومنه قول دريد بن الصمة:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهم في الفارسي المسرد
وربما وكدوا به العلم، فأحلوه محل القسم.
أخبرني أبو عمر قال: أنا أبو العباس ثعلب، أنا سلمة، عن الفراء [ ص: 27 ] قال: من العرب من يقول: أظن، بمعنى أقسم، وأنشد:
أظن لا تنقضي عنا زيارتكم حتى تكون بوادينا البساتين
وأخبرني ابن داسة، نا أبو داود، نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، نا ثابت، عن أنس: أن أسيد بن حضير، وعباد بن بشر أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستأذناه في إتيان النساء في المحيض خلافا لليهود، قال أنس: فتمعر وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله، فبعث في آثارهما، فظننا أنه لم يجد عليهما .
فأحد الظنين تعليق العلم، والآخر تحقيقه، والله أعلم.
[ ص: 28 ]


