الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث عبيدة : "أن ابن سيرين قال: سألته عن قوله: أو لامستم النساء ،  وأشار بيده، فظننت ما قال".

حدثنيه ابن مكي، أنا الصائغ، نا سعيد بن منصور، نا إسماعيل بن إبراهيم، نا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين.

قوله: فظننت ما قال، معناه:  علمت ما قال، والظن في كلامهم يتردد بين يقين وعلم وشك وجهل، فإذا قوي بيانه سمي علما، وإذا ضعف كان معناه شكا، فمن الأول قوله تعالى: الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم أي: يعلمون ويستيقنون.

ومنه قول دريد بن الصمة:


فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهم في الفارسي المسرد



وربما وكدوا به العلم، فأحلوه محل القسم.

أخبرني أبو عمر قال: أنا أبو العباس ثعلب، أنا سلمة، عن الفراء [ ص: 27 ] قال: من العرب من يقول: أظن، بمعنى أقسم، وأنشد:


أظن لا تنقضي عنا زيارتكم     حتى تكون بوادينا البساتين



وأخبرني ابن داسة، نا أبو داود، نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، نا ثابت، عن أنس: أن أسيد بن حضير، وعباد بن بشر أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستأذناه في إتيان النساء في المحيض  خلافا لليهود، قال أنس: فتمعر وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله، فبعث في آثارهما، فظننا أنه لم يجد عليهما .

فأحد الظنين تعليق العلم، والآخر تحقيقه، والله أعلم.

[ ص: 28 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية