الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
224 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفته: أن عليا [ - رضي الله عنه - ] كان إذا نعته [ - صلى الله عليه وسلم - ] قال: "لم يكن بالطويل الممغط، ولا القصير المتردد،  لم يكن بالمطهم، ولا المكلثم، أبيض مشرب، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، شثن الكفين، والقدمين، دقيق المسربة، إذا مشى تقلع، كأنما يمشي في صبب، [ ص: 310 ] وإذا التفت التفت معا، ليس بالسبط، ولا الجعد القطط، [ ص: 311 ] قال: حدثنيه "أبو إسماعيل المؤدب" عن "عمر" مولى "غفرة" عن "إبراهيم بن محمد بن الحنفية" قال: كان "علي [بن أبي طالب] " إذا نعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك.

وفي حديث آخر، قال: حدثناه إسماعيل بن جعفر، قال:

"كان أزهر ليس بالأبيض الأمهق"   [ ص: 312 ] .

وفي حديث آخر: "كان في عينيه شكلة ".  

وفي حديث آخر: "كان شبح الذراعين ".  

[قال أبو عبيد] : قال "الكسائي" والأصمعي وأبو عمرو، وغير واحد، ذكر كل واحد منهم بعض تفسير هذا الحديث.

قوله: "ليس بالطويل الممغط، يقول: ليس بالبائن الطول [ ص: 313 ] .

"ولا القصير المتردد ":
 يعني الذي قد تردد خلقه بعضه على بعض [وهو مجتمع] ليس بسبط الخلق: يقول: فليس هو كذاك، ولكن ربعة بين الرجلين وهكذا صفته [ - صلى الله عليه وسلم - ] في حديث آخر:

"أنه ضرب اللحم بين الرجلين" [ ص: 314 ] .

وقوله: ليس بالمطهم "،  قال "الأصمعي ": المطهم: التام كل شيء منه على حدته، فهو بارع الجمال.

وقال غير الأصمعي: المكلثم: المدور الوجه، يقول: فليس كذاك، ولكنه مسنون.

وقوله: "مشرب "، يعني الذي قد أشرب حمرة.  

والأدعج العين: الشديد سواد العينين [ ص: 315 ] .

قال الأصمعي: الدعجة هي السواد.

[قال] : والجليل المشاش: العظيم رؤوس العظام مثل الركبتين والمرفقين، والمنكبين.

وقوله: الكتد هو الكاهل، وما يليه من جسده [ ص: 316 ] .

وقوله: شثن الكفين والقدمين،  يعني أنها إلى الغلظ، وقوله: إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب: الصبب: الانحدار، وجمعه أصباب، قال "رؤبة ":


بل بلد ذي صعد وأصباب

[ ص: 317 ] بل في معنى رب.

وقوله: ليس بالسبط، ولا الجعد القطط، فالقطط: الشديد الجعودة مثل أشعار الحبش.

والسبط: الذي ليس فيه تكسر.

يقول: هو جعد رجل.

وقوله: كان أزهر، الأزهر: [الأبيض] النير البياض الذي يخالط بياضه حمرة [ ص: 318 ] .

وقوله: ليس بالأمهق،  فالأمهق: الشديد البياض الذي لا يخالط بياضه شيء من الحمرة، وليس بنير، ولكن كلون الجص، أو نحوه.

يقول: فليس هو كذلك.

وقوله: في عينيه شكلة،  فالشكلة كهيئة الحمرة تكون في بياض العين، [ ص: 319 ] قال الشاعر:


ولا عيب فيها غير شكلة عينها     كذاك عتاق الطير شكلا عيونها

والشهلة غير الشكلة، وهي حمرة في سواد العين [ ص: 320 ] .

والمرهة: البياض لا يخلطه غيره.

وإنما قيل للعين التي ليس فيها كحل: مرهاء، لهذا المعنى.

وقوله: أهدب الأشفار:  يعني طويل الأشفار [ ص: 321 ] .

وقوله: شبح الذراعين:  يعني عبل الذراعين عريضهما.

والمسربة: الشعر المستدق ما بين اللبة إلى السرة، [ ص: 322 ] قال الذهلي ":


الآن لما ابيض مسربتي     وعضضت من نابي على جذم


[ترجو الأعادي أن ألين لها     هذا تخيل صاحب الحلم]

التالي السابق


الخدمات العلمية