الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
520 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "عليكم بالباءة ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، فمن لم يقدر فعليه [ ص: 15 ] بالصوم ، فإنه له وجاء " .  

حدثنا أبو عبيد : قال : حدثناه أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال "أبو زيد " وغيره في الوجاء ، يقال للفحل إذا رضت أنثياه : قد وجئ وجاء [ممدود ] فهو موجوء ، وقد وجأته . فإن نزعت الأنثيان نزعا فهو خصي وقد خصيته خصاء . فإن شدت الأنثيان شدا حتى تندرا قيل : قد عصبته عصبا ، فهو معصوب [ ص: 16 ] .

قال أبو عبيد : فقوله : "فإنه له وجاء "  يعني أنه يقطع النكاح ؛ لأن الموجوء لا يضرب . وقد قال بعض أهل العلم : "وجاء" بفتح الواو مقصور ، يريد الحفا ، والأول أجود في المعنى ؛ لأن الحفا لا يكون إلا بعد طول مشي أو عمل . والوجاء : الانقطاع من الأصل .

قال : ويروى في حديث آخر ما يشبهه .

حدثنا أبو عبيد : قال : حدثناه ابن أبي عدي ، عن حسين المعلم ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - :

"صوموا ووفروا أشعاركم فإنها مجفرة " .  


يقول : مقطعة للنكاح ونقص للماء .

يقال للبعير إذا أكثر الضراب حتى ينقطع : قد جفر يجفر جفورا ، وهو جافر ، قال ذو الرمة يصف النجوم [ ص: 17 ] :


وقد عارض الشعرى سهيل كأنه قريع هجان يتبع الشول جافر

ويروى أيضا :


وقد لاح للساري سهيل كأنه     قريع هجان عارض الشول جافر

وفي هذا الحديث من العربية ، قوله : "فعليه بالصوم "  فأغرى غائبا ولا تكاد العرب تغري إلا الشاهد .

يقولون : عليك زيدا ، ودونك ، وعندك ، ولا يقولون : عليه زيدا إلا في هذا الحديث ، فهذا حجة لكل من أغرى غائبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية