حدثنا قال : حدثناه أبو عبيد : عن ابن علية ، عبيد الله بن العيزار ، عن رفعه . طلق بن حبيب
[قال أما قوله أبو عبيد ] : "لميسمها " فإنه الحسن ، وهو الوسامة ومنه قيل : رجل وسيم وامرأة وسيمة .
وأما قوله : "تربت يداك " فإن أصله أن يقال للرجل إذا قل ماله : قد ترب ، أي : افتقر ، حتى لصق بالتراب ، وقال الله - تبارك وتعالى - : أو مسكينا ذا متربة فيرون - والله أعلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتعمد الدعاء عليه بالفقر ، ولكن هذه كلمة جارية على ألسنة العرب يقولونها وهم لا يريدون وقوع الأمر [ ص: 44 ] .
وهذا كقوله [صلى الله عليه وسلم ] حين قيل له يوم النفر : إنها حائض . فقال : لصفية بنت حيي فأصل هذا معناه : عقرها الله وحلقها . فقوله : عقرها يعني عقر جسدها ، وحلقها أي أصابها الله بوجع في حلقها . هذا كما تقول : قد رأس فلان فلانا : إذا ضرب رأسه ، وصدره : إذا أصاب صدره ، وكذلك حلقه : إذا أصاب حلقه . عقرى حلقى ما أراها إلا حابستنا "
قال إنما هو عندي عقرا حلقا . قال : وأصحاب الحديث يقولون : عقرى حلقى وقال بعض الناس : بل أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 45 ] بقوله : أبو عبيد : "تربت يداك " نزول الأمر به عقوبة لتعديه ذوات الدين إلى ذوات المال والجمال . واحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم : "اللهم إنما أنا بشر ، فمن دعوت عليه بدعوة ، فاجعل دعوتي عليه رحمة له " . والقول الأول أعجب إلي وأشبه بكلام العرب ، ألا تراهم يقولون : لا أرض لك ولا أم لك ، وهم قد يعلمون أن له أرضا وأما ، وزعم بعض العلماء أن قولهم : لا أبا لك ولا أب لك : مدح ، ولا أم لك : ذم .
قال وقد وجدنا قوله لا أم لك قد وضع في موضع المدح أيضا قال أبو عبيد : كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه :
هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا وماذا يؤدي الليل حين يؤوب [ ص: 46 ]
وقد قال بعض الناس : إن قوله : تربت يداك ، يريد به استغنت يداك من الغنى . وهذا خطأ لا يجوز في الكلام . إنما ذهب إلى المترب وهو الغني فغلط ، ولو أراد هذا لقال : أتربت يداك ؛ لأنه يقال : أترب الرجل : إذا كثر ماله ، فهو مترب . وإذا أرادوا الفقر ، قالوا : ترب بترب .