الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أحاديث عثمان بن عفان رضي الله عنه [ ص: 304 ]

669 - وقال " أبو عبيد " في حديث عثمان [بن عفان ] - رحمه الله - حين أرسل "سليط بن سليط " و"عبد الرحمن بن عتاب " إلى " عبد الله بن سلام " فقال : "إيتياه ، فتنكرا ، وقولا : إنا رجلان أتاويان ، وقد صنع الناس ما ترى ، فما تأمر ؟

فقالا له ذلك ، فقال : لستما بأتاويين ، ولكنكما فلان ، وفلان ، وأرسلكما أمير المؤمنين " .

قال : حدثناه " ابن علية " عن "أيوب " عن "ابن سيرين " عن " عثمان " .

قال "الكسائي " : الأتاوي : الغريب الذي هو في غير وطنه ،  وأنشدنا - هو - "وأبو الجراح العقيلي" ، أو أحدهما - يصف الإبل أنها قطعت بلادا حتى صارت في القفار ، فقال :

يصبحن بالقفر أتاويات

هيهات من مصبحها هيهات

هيهات حجر من صنيبعات [ ص: 305 ] [قال : تخفض هيهات ، وترفع ، وتنصب ] .

يقول : إنها أصبحت بالقفر غرائب في غير أوطانها ، وأنشدوا "أتاويات" بالفتح ، وأما الحديث فيروى بالضم : أتاويان ، وكلام العرب بالفتح .

وفي هذا الحديث من الفقه : قوله لهما : قولا : إنا رجلان أتاويان ، وهما من أهل المصر ، وهذا عندي من المعاريض ، إنما أولته أنه أراد أنا غريبان في هذا المكان الذي نحن فيه الساعة ، وكل من خرج إلى غير موضعه ، فهو أتاوي .

وهذا عندي شبيه بقول "إبراهيم " إنه كان متواريا فكان أصحابه يدخلون عليه ، فإذا خرجوا من عنده ، يقول لهم إن سئلتم عني ، فقولوا : لا ندري أين هو ، فإنكم لا تدرون إذا خرجتم إلى أين أتحول ، وإنما تحوله من موضع في الدار إلى موضع فيها آخر .

وكقول غيره ، وأتاه رجل يطلبه ، فكره الخروج إليه ، فأدار دارة ، ثم قال : قولوا : ليس هو ها هنا ، وأشار إلى الدارة ، وفي أشباه لهذا من المعاريض كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية