الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
703 - وقال " أبو عبيد " في حديث "علي " [رحمة الله عليه ] "يوم الجمل "  وغاب عنه "سليمان بن صرد " ، فبلغه عنه قول ، فقال "سليمان " : بلغني عن "أمير المؤمنين" ذرو من قول ، تشذر لي به من شتم وإيعاد ، فسرت إليه جوادا " .

قال : حدثنيه "ابن مهدي " عن "مهدي بن ميمون " عن "محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب " قال : حدثني عمي " ضبثم " عن "سليمان بن صرد " .

قوله : ذرو : هو الشيء اليسير من القول ، كأنه طرف من الخبر ، وليس بالخبر كله [ ص: 366 ] .

والتشذر : التهدد والتوعد ،  قال "لبيد " يذكر رجالا ، ويصف عداوة بعضهم لبعض ، فقال :


غلب تشذر بالذحول كأنها جن البدي رواسيا أقدامها

وقال "صخر بن حبناء " أخو "المغيرة بن حبناء " :


أتاني عن مغيرة ذرو قول     وعن عيسى فقلت له كذاكا

وفي حديث آخر "لسليمان " قال : أتيت " عليا " حين فرغ من مرحى الجمل ، فلما رآني ، قال : "تزحزحت ، وتربصت ، وتنأنأت ، فكيف رأيت الله [عز وجل ] صنع" ؟

فقلت : يا أمير المؤمنين : إن الشوط بطين ، وقد بقي من الأمور ما تعرف به صديقك من عدوك .

قال : قال "سليمان " : فلما قام قلت "للحسن بن علي " : ما أغنيت عني شيئا .

فقال : هو يقول لك الآن هذا ، وقد قال لي يوم التقى الناس ، ومشى [ ص: 367 ] بعضهم إلى بعض : ما ظنك بامرئ جمع بين هذين الغارين ما أرى بعد هذا خيرا " .

قال [ " أبو عبيد " ] : حدثنيه "ابن مهدي " عن "أبي عوانة " عن "إبراهيم بن محمد بن المنتشر " عن "أبيه" عن "عبيد بن نضلة " عن "سليمان بن صرد " عن "علي " .

قوله : "مرحى الجمل " : يعني الموضع الذي دارت عليه رحا الحرب ، قال الشاعر :


فدرنا كما دارت على قطبها الرحى     ودارت على هام الرجال الصفائح

وقوله : "تزحزحت" أي تباعدت .

وقوله : "وتنأنأت " : يقول : ضعفت ، وهو من قول "أبي بكر " [رضوان الله عليه ] : خير الناس من مات في النأنأة " [ ص: 368 ] .

ومنه قيل للرجل الضعيف : نأنأ ، وقد فسرناه في غير هذا الموضع .

وقوله : "إن الشوط بطين " : يعني البعيد .

وقوله : "جمع بين هذين الغارين " : فالغار : الجماعة من الناس الكثيرة ،  وكل جمع عظيم غار ، ومنه قول "الأحنف " - يوم انصرف " الزبير " [رضي الله عنه ] من وقعة الجمل ،  فقيل له : هذا " الزبير " ، وكان "الأحنف " يومئذ "بوادي السباع" مع قومه قد اعتزل الفريقين جميعا ، فقال : "ما أصنع به إن كان جمع بين هذين الغارين ، ثم انصرف ، وترك الناس " .

التالي السابق


الخدمات العلمية