رضي الله عنه
730 - وقال " " في حديث أبو عبيد حين خطب الناس، فقال: " إن " عمر" استعملني على " خالد بن الوليد" الشام، وهو له مهم، فلما ألقى الشام بوانيه، وصار بثنية وعسلا عزلني، واستعمل غيري".
فقال رجل: هذا والله هو الفتنة.
فقال " خالد": أما و " ابن الخطاب" حي فلا، ولكن ذاك إذا كان الناس بذي بلي، وذي بلي".
قال: حدثناه عدة عن ، عن " الأعمش" ، عن " أبي وائل" " عزرة بن قيس" قال: خطبنا " خالد" ، ثم ذكر ذلك.
إنما هو مثل، فيقال للإنسان إذا اطمأن بالمكان [ ص: 35 ] واجتمع له أمره: قد ألقى بوانيه، وكذلك يقال: ألقى أرواقه، وألقى عصاه، قال الشاعر: قوله: " ألقى الشام بوانيه":
فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر
فيه قولان: وقوله: " صار بثنية وعسلا"يقال: البثنية: حنطة منسوبة إلى بلاد معروفة بالشام من أرض " دمشق" يقال لها: البثنية.
والقول الآخر: أنه أراد بالبثنية اللينة، وذلك أن الرملة اللينة يقال أنها: بثنة، وتصغيرها بثنية، وبها سميت المرأة بثينة.
فأراد " خالد": أن الشام لما اطمأن، وهدأ، وذهبت شوكته، وسكنت الحرب منه، وصار لينا لا مكروه فيه، فإنما هو خصب، كالحنطة والعسل - عزلني واستعمل [ ص: 36 ] غيري، قال ذلك كله، أو عامته " الأموي".
وكان و " الكسائي" يقولان نحو ذلك. " الأصمعي"
وأما فإنه يعني تفرق الناس، وأن يكونوا طوائف من غير إمام يجمعهم، وبعد بعضهم من بعض، وكذلك كل من بعد منك حتى لا تعرف موضعه، فهو بذي بلي، وفيه لغة أخرى: بذي بليان، ويروى عن قوله: " وكان الناس بذي بلي وذي بلي": ، عن " عاصم بن أبي النجود" " بذي بليان". قال " " أبي وائل": ": الذي يرويه عن أبو عبيد " عاصم" يقول: " بذي بليان" ، والصواب " بليان" ، وكان ينشد هذا البيت في وصف رجل يطيل النوم، فقال: " الكسائي"
ينام ويذهب الأقوام حتى يقال أتوا على ذي بليان
قال " ": وقد رواه بعضهم: ألقى أبو عبيد الشام نواتيه، وليس هذا بشيء، إنما النواتي - في كلام أهل الشام: الملاحون الذين في البحر خاصة.