الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              باب: عش .

                              قوله: "تعشيش العنكبوت"   : أي تتخذ عشا لطول مقامها، والعش: مكان يتخذه الطائر لبيضه ومستقر كل شيء عشه، قال:


                              إنما المرء رهن موت سواء حتف أنفيه أو لعلق طحون     فإذا أخطأته تانك أمسى
                              مثل عش الغراب طوع القرين



                              وقال أبو زيد: وكر: عش إذا طار فرخه، قال:


                              فأصبحت كالوكر الذي طار فرخه     فعش وولى فرخه فترفعا



                              قوله: "عش من أعاليه"،  أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: أي: صغر رأسه وقل سعفه، نخلة عشة، ونخلات عشاش أخبرني عمرو، عن أبيه: العشة: الدقيقة وأنشدنا:


                              فما شجرات عيصك في قريش     بعشات الفروع ولا ضواحي

                              .

                              [ ص: 574 ] وقال آخر:


                              لعمرك ما ليلى بورهاء عنفش     ولا عشة خلخالها يتقعقع



                              وقال العجاج:


                              أمر منها قصبا خدلجا     لا قفرا عشا ولا مهيجا



                              وصف امرأة فقال: أمر منها: فتل منها، قصبا: كل عظم فيه مخ خدلج: حسن ممتلئ لا قفر: لا لحم عليه والعش: الدقيق الصغير والمهيج: المورم قوله: "عش ولا تغتر"   : مثل، يقول: عش إبلك، لا تؤخر .

                              [ ص: 575 ] ذلك طلب خير منه، فكأنه يقول: اعمل ولا تترك العمل وتأيس من الرحمة وعشيت الإبل إذا رعيتها الليل كله، والجمع عواش، ولا يكون إلا باليل وقال أبو زيد: العاشية: الإبل التي ترعى وسائر الإبل هادية، فإذا رأتها الإبل قد توجهت نحو الراعي اتبعتها واقتدين بها قال:


                              ترى المصك تطرد الحواشيا     جلتها والأخر العواشيا



                              وأنشدنا أبو نصر:


                              عشي ربيع واقصري فيمن قصر     وابكي على ملكك إذ أمسى انقعر



                              يقول: عشي يا ربيعة واتركي الحرب أخبرنا أبو نصر، عن الأصمعي: العشى أن لا، يبصر إذا أظلم، عشي يعشى عشى رجل أعشى وامرأة عشواء ويقال للرجل إذا نظر بغير ثبت: عشا يعشو عشوا قال ابن أحمر: .

                              [ ص: 576 ]

                              عشواء رعبلة الرواح خجو     جاة الغدو رواحها شهر



                              وصف ريحا فقال: عشواء: لا تبالي كيف هبت رعبلة: لها رعابل من التراب تجرها وامرأة رعبلة تجر ثوبها وخجوجاة: بعيدة المسلك، بين غدوها ورواحها شهر قال أبو زيد: عشي الرجل يعشى عشا، مقصور، إذا لم يبصر بالليل وهو أعشى وعشي على خصمه إذا هو ظلمه، وعشا إلى النار يعشو عشوا: إذا أبصر ضوءها فأتانا بالليل، ويقال: ابغونا عشوة أي نارا نستضيء بها قال امرؤ القيس:


                              لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره     طريف بن مال ليلة القر والخصر



                              وقال:


                              متى تأته تعشو إلى ضوء ناره     تجد خير نار عندها خير موقد



                              وإنما سمي ميمون بن قيس بن جندل، أحد بني بكر بن وائل، الأعشى لفساد في عينه وصف فقال:

                              [ ص: 577 ]

                              صدت هريرة عنا ما تكلمنا     جهلا بأم خليد حبل من تصل
                              من أن رأت رجلا أعشى أضر به     ريب المنون ودهر خائن خبل



                              قوله: "إذا حضر العشاء"   : هو الطعام بالعشي، وكذلك الغداء، الطعام بالغداة فإن كان ذلك لبنا فهو بالعشي الغبوق، وبالغداة الصبوح، وبنصف النهار القيل، وبالسحر الجاشرية وقال الحطيئة:


                              وآنيت العشاء إلى سهيل     أو الشعرى فطال بي الأناء



                              قوله: "إحدى صلاتي العشي"   : آخر النهار قال الله تعالى: إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق ، وقال: فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ، [ ص: 578 ] وأنشدنا أبو نصر:


                              حتى إذا ما قصر العشي     عنه وقد قابله حوشي



                              قوله: "يؤخر العشاء"،  والعشاء: الصلاة التي بعد المغرب، تدعى العتمة قال الراجز:


                              إذا الثريا طلعت عشيا     فبع لراعي غنم كسيا



                              قوله: "ما كان النبي صلى الله عليه يلقى من شدة العيش"، العيش والمعيشة الحياة، والرجل يعيش بالمعروف أي يعطى قليلا قال رؤبة:

                              حجاج ما سجلك بالمعشوش وقال:

                              يسقين لا عشا ولا مصردا [ ص: 579 ] وأعششت بالقوم: أعجلتهم قال:


                              ولو تركت نامت ولكن أعشها     أذى من قلاص كالحني المعطف

                              .

                              [ ص: 580 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية