الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              الحديث الخمسون .

                              باب: شوى .

                              حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن موسى بن عقبة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس: " أنه رأى رسول الله صلى الله عليه: أكل ذراعا مشوية، ثم صلى، ولم يتوضأ   " .

                              حدثنا إبراهيم بن محمد، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب: عن علي بن رباح، عن أبي قتادة: " أن رسول الله صلى الله عليه قال: "خير الخيل الأدهم الأقرح المحجل ثلاثا طلق اليد اليمنى فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية"   .

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا ابن فضيل، عن عمر بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، يعلى بن مرة [ ص: 617 ] : " كنا مع النبي صلى الله عليه فقال: انظر شيئا أستتر به، فذهبت فلم أر شيئا إلا أشاءتين متفرقتين، فقال: مرهما فليجتمعا   " .

                              حدثنا اليمامي، عن يعقوب، عن أبيه، عن ابن إسحاق، عن المصري: "أن عبد المطلب، ضرب بالقداح على ابنه عبد الله أن السهم إذا أخطأه فقد أشوى" .

                              حدثنا عبيد الله، حدثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: "ما أصاب الصائم شوى ما اجتنب الغيبة والكذب"   .

                              حدثنا أبو بكر، حدثنا يحيى بن أبي بكير، عن شريك، عن الأعمش، عن مجاهد: " نزاعة للشوى قال: للأطراف   " .

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا أبو نعيم، عن ابن الغسيل، عن هارون بن [ ص: 618 ] عبد الله الحضرمي، عن عفيف بن معدي كرب: "خرجنا نشي بسعد إلى عمر" .

                              حدثنا داود بن عمرو، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة: " قال عبد الله بن صفوان لابن عباس: كيف كانت إمارة الأحلاف فيكم، يعني إمارة عمر، قال: "التي قبلها خير منها، أو سنة عمر تريد أنت وصاحبك ابن الزبير؟ تركتما والله سنة عمر شأوا مغربا" قوله: "أكل ذراعا مشوية"  يقال: شويت اللحم وانشوى اللحم والاسم الشواء ممدود أنشدنا أبو نصر، عن الأصمعي:


                              قال لها وقوله موعي أن الشواء خيره الطري



                              [ ص: 619 ] وصف كلابا قال لها الصائد، وقوله: موعي: محفوظ قوله: "فكميت على هذه الشية"  وهي سواد في لون أبيض، أو بياض في لون أسود .

                              حدثنا إبراهيم بن عبد الله، عن محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك: لا شية فيها : لونها واحد "   .

                              أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: " لا شية فيها : أي لون سوى لون جلدها " .

                              أخبرنا سلمة، عن الفراء: " لا شية فيها : ليس فيها لون غير الصفرة " قوله: "فلم أر إلا أشاءتين" أخبرنا أبو نصر، عن الأصمعي: الأشاءة: شجرة أخبرنا عمرو، عن أبيه قال: الأشاءة: النخلة الصغيرة وأنشدنا:


                              قد أفناهم القتل بعد الوفاة     هذ الأشاءة بالمخلب



                              يعني المنجل فهذا يصدق قول الأصمعي وأبي عمرو وقال طفيل:


                              وأذنابها وحف كأن ذيولها     مجر أساء من سميحة مرطب

                              .

                              [ ص: 620 ] قد صار فيه رطب، وصف خيلا آذانها كثرة الوبر والأشاء: النخل وسميحة: بئر بالمدينة يقول: ذيول ذنبها كالسعف، وهذا حجة لأبي عمرو وأنشدنا أبو نصر:


                              لاث به الأشاء والعبري     لاث أراد لائثا ملتفا،



                              والعبري من السدر: ما كان على شط الأنهار حدثنا عمرو، عن أبيه، عن الطائي: إذا تشعبت النخلة فهي شيشاة وأشاءة فلا تزال شيشاة حتى تعلم أذكر أم أنثى وقال أبو زيد: الأشاءة: الفسيلة، وقيل: هو الرديء منه أخبرنا عمرو، عن أبيه: الواشية: الكثيرة الولد لكل ما يلد يقول من الغنم وغيره، والرجل واش والوشاء: الكثرة، وقد وشى بنو فلان: كثروا " .

                              [ ص: 621 ] وقال الأحمر: " الشواية: الشيء الصغير، وشواية الخبز: القرص والشيان: دم الأخوين قرئ على أبي نصر، عن الأصمعي: الشواة والشرط الرديء من المال قال:


                              أكلنا الشوى حتى إذا ذهب الشوى     أشرنا إلى خيراتها بالأصابع



                              قوله: "إذا أخطأه" أي لم يقع عليه، فقد أسوى لم يصب المقتل. رميته فأشويته إذا لم تصب المقتل أخبرنا عمرو، عن أبيه: أشوى: أصاب غير المقتل، ومثله: "كل ما أصاب الصائم شوى" أي خطأ لم يصب مقتله أخبرنا سلمة، عن الفراء: ما كان غير مقتل فهو شوكى وأنشدنا عمرو:


                              أرمي النحور فأشويها وتثلمني     ثلم الإناء ثم أغدو غير منتصر

                              .

                              [ ص: 622 ] أرمي النحور: الأهلة فأشويها: أصيب شواها غير المقتل وثلمني: تنقصني ولا أنتصر من الدهر وقال آخر:


                              سيشوي الفتى بعض أوجاله     ويفجعه بعض ما قد أمن



                              قوله تعالى: نزاعة للشوى اختلف المفسرون فيه .

                              حدثنا ابن نمير، عن أبي معاوية، عن إسماعيل، عن أبي صالح: نزاعة للشوى الأطراف اليدين والرجلين " وهو قول مجاهد، وعطية، وعكرمة أخبرنا أبو عمر، عن الكسائي: الشوى: الأطراف أخبرنا سلمة، عن الفراء: الشوى: اليدان والرجلان أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: الشوى واحدتها شواة، وهي اليدان والرجلان وشوى الفرس: قوائمه قال امرؤ القيس:

                              [ ص: 623 ]

                              سليم الشظى عبل الشوى أشنج النسا     له حجبات مشرفات على الفأل



                              الشظى: عظيم لاصق بالذراع، فإذا تحرك شظي عبل: غليظ الشوى: القوائم النسا: عرق مستبطن الفخذين على الفال: يعني الظهر سمعت فيه بوجه ثان يقرب من هذا حدثني إبراهيم بن محمد، عن عفان، عن أبي كدينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس: "الشوى أم الرأس" .

                              حدثني إبراهيم بن محمد، عن ابن مهدي، عن قرة، سمعت الحسن: " للشوى : الهام " وسمعت فيه، بوجه ثالث ، .

                              حدثنا أبو بكر، عن ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد: للشوى : "العصب والعقب" وقال مجاهد: جلود الناس .

                              [ ص: 624 ] وقال أبو عمران: وثابت: لمكارم الوجه وأما الشواة فجلد الرأس أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: الشواة: الرأس أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الشواة والفروة: جلدة الرأس وأنشدنا:


                              إذا هي قامت تقشعر شواتها     ويبرق بين الليت منها إلى الصقل



                              وأنشدنا الأثرم عن أبي عبيدة للأعشى:


                              قالت قتيلة ما له     قد جللت شيبا شواته



                              وأنشدها أبو الخطاب الأخفش أبا عمرو بن العلاء فقال: له صحفت، إنما هي سراته، فسكت أبو الخطاب ثم قال: بل هو صحف قال أبو عبيدة: سمعت رجلا من أهل المدينة يقول: اقشعرت شواتي وشوى الفرس: قوائمه يقال: فرس عبل الشوى ولا يكون هذا للرأس، لأنهم وصفوا الخيل بأسالة الخدين وعتق الوجه ورقته .

                              [ ص: 625 ] قوله: "يشي بسعد إلى عمر"  يقال: وشى فلان بفلان وشاية إذا نم عليه، وشى الكذب يشيه إذا كذبه أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: يقال: تشاءى ما بينهما يريد تباعد وشآني ذلك: سرني وأعجبني، ووشئت إلى ذلك الأمر: ألجئت إليه وأنت تشاء إليه، وشيأت الرجل على الأمر: حملته أخبرنا عمرو، عن أبيه: أهل الحجاز يقولون: الأجاءة وغيرهم يقول: الأشاءة: اضطرار يقال: ما أجاءك إلى كذا؟ أي ما اضطرك إليه وقال الأسدي:


                              كيما أعدهم لأبعد منهم     ولقد يجاء إلى ذوي الأحقاد



                              وأنشدنا للأخطل:


                              ستقذف وائل حولي جميعا     وأطعن إن أشئت إلى الطعان



                              وفي الأمثال: "أشئت عقيل إلى عقلك" أي اضطررت إليه قال:


                              حتى شآها كليل موهنا عمل     باتت طرابا وبات الليل لم ينم

                              .

                              [ ص: 626 ] حتى شآها: أعجبها كليل: برق موهنا: بعد نومه، عمل دائب باتت البقر طرابا له عطاشا لتأتيه تشرب من مائه، وبات البرق الليل كله لم ينم: لم يسكن أخبرنا أبو عمر، عن الكسائي: تميم تقول: أشأته إلى ذلك المكان: ألجأته وما أشاءك إلى هذا؟ أخبرنا سلمة، عن الفراء: قال: تميم تقول: شر ما أشاءك إلى مخة عرقوب قوله: " شأوا مغربا  أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: يقال: عدا شأوا أي طلقا وبيني وبينه شأو مغرب أي طلق بعيد وأنشدنا:


                              لا عيب فيها إذا ما اعتر فارسها     شأو الفجاءة إلا أنها تثب



                              وقال:


                              وكلما هبطا من شأو شوطهما     من الأماكن مخلوطا به الغضب

                              .

                              [ ص: 627 ] والشأو: ما أخرج من البئر يقال: أخرج شأوا أو شأوين يعني ملء الزبيل: والمشآة: الزبيل قال الأصمعي: رجل شائه البصر وشاه أي حديد وقال الفراء: أتأرت النظر: أحددته أخبرنا عمرو، عن أبيه: يقال للماشية ما وشت عندي تشي أي ما ولدت أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الشوس: أن ينظر، بمؤخر عينيه يمينا وشمالا .

                              [ ص: 628 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية