[ ص: 261 ] ومن خصائصه في واجبات النكاح :
وجوب للآية ، واختلف في سبب نزولها على أقوال : أحدها : ما سيذكره تخيير نسائه المصنف : من أن الله خيره بين الغنى والفقر ، فاختار الفقر ، فأمره الله بتخيير نسائه لتكون من اختارته منهن موافقة لاختياره ، وهذا يعكر عليه أن الأكثر من أهل العلم بالمغازي أن إبلاءه من نسائه كان سنة تسع ، وأن تخييرهن وقع بعد ذلك ، وقد كان صلى الله عليه وسلم في آخر عمره قد وسع له في العيش بالنسبة لما كان فيه قبل ذلك قالت عائشة : " ما شبعنا من التمر حتى فتحت خيبر " .
ثانيها : أنهن تغايرن عليه فحلف ألا يكلمهن شهرا ، ثم أمر بأن يخيرهن .
حكاه الغزالي .
ثالثها : أنهن طالبنه من الحلي والثياب بما ليس عنده فتأذى بذلك ، فأمر بتخييرهن ، وقيل : إن ذلك كان بسبب طلب بعضهن منه خاتما من ذهب ، فأعد لها خاتما من فضة وصفره بالزعفران فتسخطت .
رابعها : أن الله امتحنهن بالتخيير ليكون لرسوله خيرة النساء .
خامسها : أن سبب نزولها قصة مارية في بيت حفصة ، أو قصة العسل الذي شربه في بيت ، وهذا يقرب من الثاني . زينب بنت جحش
1539 - ( 1 ) - قوله : لأنه صلى الله عليه وسلم آثر لنفسه الفقر والصبر عليه ، وأعاده بعد في الكلام على أن اليسار ليس بشرط في الكفاءة ، ويدل عليه ما رواه من حديث النسائي : { ابن عباس }. إن الله تعالى خيره بين أن يكون عبدا نبيا ، وبين أن يكون ملكا ، فاختار أن يكون عبدا نبيا عن ولمسلم عن ابن عباس : { عمر }. - الحديث - وفيه : { فدخلت عليه وهو مضطجع على حصير ، فجلست فإذا عليه إزاره وليس [ ص: 262 ] عليه غيره ، وإذا الحصير قد أثر في جنبه : فنظرت في جرابه وإذا بقبضة من شعير نحو الصاع ، ومثلها قرط في ناحية الغرفة ، فابتدرت عيناي }. وأخرجاه من طريق أخرى عن ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ، ولهم الدنيا عن ابن عباس وفيه : { عمر }. وفي الصحيحين عن أولئك عجلت لهم طيباتهم : { عائشة }. ومن حديثها : { كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم ، وحشوه ليف }. وفي رواية : { ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا حتى مضى لسبيله المدينة من طعام بر حتى قبض }. وفيهما عن منذ قدم : { أبي هريرة }. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا
فإن قيل : فما وجه استعاذته صلى الله عليه وسلم من الفقر كما تقدم الحديث في قسم الصدقات ، فالجواب : أن الذي استعاذ منه وكرهه فقر القلب ، والذي اختاره وارتضاه طرح المال .
وقال : الذي استعاذ منه هو الذي لا يدرك معه القوت ، والكفاف ، ولا يستقر معه في النفس غنى ، لأن الغنى عنده صلى الله عليه وسلم غنى النفس ، قد قال تعالى : { ابن عبد البر ووجدك عائلا فأغنى }ولم يكن غناه أكثر من ادخاره قوت سنة لنفسه وعياله ، وكان الغنى محله في قلبه ثقة بربه ، وكان يستعيذ من فقر منس ، وغنى مطغ دليل على أن للغنى والفقر طرفين [ ص: 263 ] مذمومين ، وبهذا تجتمع الأخبار في هذا المعنى .
1540 - ( 2 ) - حديث : { عائشة }. كذا وقع فيه . وقوله : اللاتي حظرن عليه ، مدرج في الحديث ، قال ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء اللاتي حظرن عليه أنا الشافعي ، عن ابن عيينة عمرو ، عن ، عن عطاء قالت : { عائشة }. قال ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء : كأنها تعني اللاتي حظرن في قوله تعالى: { الشافعي لا يحل لك النساء من بعد }الآية ، وهكذا ساقه القاضي أبو الطيب عن ، وأخرجه الشافعي ، أحمد والترمذي ، من حديث والنسائي سفيان دون الزيادة ورواه الدارمي ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، من طريق وللنسائي ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير بلفظ : { عائشة أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء }. ما توفي رسول الله حتى
وروى الترمذي من طريق شهر عن قال : { ابن عباس لا يحل لك النساء من بعد }الآية } ، فأحل الله فتيات المؤمنات ، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي وحرم كل ذات دين غير الإسلام ، وقال : { نهي رسول الله عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات ، فقال { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك } - إلى قوله - { خالصة لك }وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء . قال : حديث حسن .
[ ص: 264 ] حديث : لما نزلت آية التخيير بدأ . متفق عليه من طريق بعائشة عن الزهري ، عن أبي سلمة قالت : { عائشة }. - الحديث - وفيه : ثم قال : { لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخييره أزواجه بدأ بي وقال : إني ذاكر لك أمرا فلا عليك ألا تعجلي يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها }الآية }وفيه : { إن الله قال : { }. واتفقا على طريق فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة عنها : { مسروق }. وفي رواية : فلم يعد بعد ذلك طلاقا . خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ، فلم يعددها علينا من حديث ولمسلم نحو الأول ، وزاد في آخره : { جابر }وفي بعض طرقه أن هذا الكلام منقطع ، فإن فيه قال : وأسألك لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت . قال : لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها وأخبرني معمر أيوب قال : قالت : { عائشة }. لا تقل إني أخبرتك
( تنبيه ) :
احتج بهذا الحديث على أن جوابهن ليس الفور ، واعترض الشيخ بأنه صرح أبو حامد بالإمهال إلى مراجعة الأبوين ، قال لعائشة ابن الرفعة : وفي طرد ذلك في بقية أزواجه نظر لاحتمال أن يكون ذلك خاصا ، لميله إليها وصغر سنها ، فكأنه قال لها : لا تبادري بالجواب خشية أن تبتدر فتختار الدنيا ، وعلى هذا فلا يطرد ذلك في غيرها . انتهى . بعائشة
ولا يخفى ما فيه .
[ ص: 265 ] قوله : وهل حرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم طلاقهن بعدما اخترنه كما لو رغبت عنه امرأة حرم عليه إمساكها .
قلت : وهذا يحتاج إلى دليل خاص .
قوله : القسم الثاني المحرمات الزكاة والصدقة تقدم ذلك في قسم الصدقات .