( ) وجه تسميتهم بأهل الحديث
إذ اسمهم مأخود من معاني الكتاب والسنة يشتمل عليهما ؛ لتحققهم بهما أو لاختصاصهم بأخذهما ، فهم مترددون في انتسابهم [ ص: 25 ] إلى الحديث بين ما ذكر الله - سبحانه وتعالى - في كتابه ، فقال تعالى ذكره : ( الله نزل أحسن الحديث ) فهو القرآن ، فهم حملة القرآن وأهله وقراؤه وحفظته ، وبين أن ينتموا إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم نقلته وحملته ، فلا شك أنهم يستحقون هذا الاسم لوجود المعنيين فيهم لمشاهدتنا أن اقتباس الناس الكتاب والسنة منهم ، واعتماد البرية في تصحيحهما عليهم ، لأنا ما سمعنا عن القرون التي قبلنا ، ولا رأينا نحن في زماننا مبتدعا رأسا في إقراء القرآن ، وأخذ الناس عنه في زمن من الأزمان ، ولا ارتفعت لأحد منهم راية في رواية حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما خلت من الأيام ، ولا اقتدى بهم أحد في دين ولا شريعة من شرائع الإسلام ، والحمد لله الذي كمل لهذه الطايفة سهام الإسلام ، وشرفهم بجوامع هذه الأقسام ، وميزهم من جميع الأنام ، حيث أعزهم الله بدينه ، ورفعهم بكتابه ، وأعلى ذكرهم بسنته ، وهداهم إلى طريقته وطريقة رسوله ، فهي الطايفة المنصورة ، والفرقة الناجية ، والعصبة الهادية ، والجماعة العادلة المتمسكة بالسنة ، التي لا تريد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بديلا ، ولا عن قوله تبديلا ، ولا عن سنته تحويلا ، ولا يثنيهم عنها تقلب الأعصار والزمان ، ولا يلويهم عن سمتها تغير الحدثان ، ولا يصرفهم عن سمتها ابتداع من كاد الإسلام ليصد عن سبيل الله ويبغيها عوجا ، ويصرف عن طرقها [ ص: 26 ] جدلا ولجاجا ، ظنا منه كاذبا ، وتمنيا باطلا أنه يطفئ نور الله ، والله متم نوره ولو كره الكافرون .