( ) مكانة أهل الحديث وصفاتهم
واغتاظ بهم الجاحدون ، فإنهم السواد الأعظم ، والجمهور الأضخم ، فيهم العلم والحكم ، والعقل والحلم ، والخلافة والسيادة ، والملك والسياسة ، وهم أصحاب الجمعات والمشاهد ، والجماعات والمساجد ، والمناسك والأعياد ، والحج والجهاد ، وباذلو المعروف للصادر والوارد ، وحماة الثغور والقناطر ، الذين جاهدوا في الله حق جهاده ، واتبعوا رسوله على منهاجه ، الذين أذكارهم في الزهد مشهورة ، وأنفاسهم على الأوقات محفوظة ، وآثارهم على الزمان متبوعة ، ومواعظهم للخلق زاجرة ، وإلى طرق الآخرة داعية ، فحياتهم للخلق منبهة ، ومسيرهم إلى مصيرهم لمن بعدهم عبرة ، وقبورهم مزارة ، ورسومهم على الدهر غير دارسة ، وعلى تطاول الأيام غير [ ص: 27 ] ناسية ، يعرف الله إلى القلوب محبتهم ، ويبعثهم على حفظ مودتهم ، يزارون في قبورهم كأنهم أحياء في بيوتهم ، لينشر الله لهم بعد موتهم الأعلام حتى لا تندرس أذكارهم على الأعوام ، ولا تبلى أساميهم على مر الأيام . فرحمة الله عليهم ورضوانه ، وجمعنا وإياهم في دار السلام .