الرد على الملاحدة والمعطلة :
وتأمل ما في هذه الآيات من فقوله : ( الرد على طوائف المعطلين والمشركين خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ) يتضمن إبطال قول الملاحدة القائلين بقدم العالم وأنه لم يزل وأن الله سبحانه لم يخلقه بقدرته ومشيئته ومن أثبت منهم وجود الرب جعله لازما لذاته أولا وأبدا غير مخلوق كما هو قول ابن سينا والنصير الطوسي وأتباعهما من الملاحدة الجاحدين لما اتفقت عليه الرسل عليهم الصلاة والسلام والكتب وشهدت به العقول والفطر .
وقوله تعالى : ( ثم استوى على العرش ) يتضمن وأن الله ليس مستويا على عرشه ، ولا ترفع إليه الأيدي ، ولا يصعد إليه الكلم الطيب ، ولا رفع المسيح عليه الصلاة والسلام إليه ، ولا عرج برسوله إبطال قول المعطلة والجهمية الذين يقولون ليس على العرش شيء سوى العدم محمد صلى الله عليه وسلم " إليه " ولا تعرج الملائكة والروح إليه ولا ينزل من عنده جبريل عليه الصلاة والسلام ولا غيره ، ولا ينزل هو كل ليلة إلى السماء الدنيا ، ولا يخافه عباده من الملائكة [ ص: 96 ] وغيرهم من فوقهم ولا يراه المؤمنون في الدار الآخرة عيانا بأبصارهم من فوقهم ، ولا تجوز الإشارة إليه بالأصابع إلى فوق كما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في أعظم مجامعه في حجة الوداع وجعل يرفع إصبعه إلى السماء وينكبها إلى الناس ويقول : اللهم اشهد .