( شيخ الإسلام الأنصاري ) : قلت : ونظير هذه المسائل الثلاث ما حكاه قول قال : سمعت أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي أحمد بن أميرجة القلانسي خادم شيخ الإسلام [ ص: 186 ] الأنصاري يقول : حضرت مع شيخ الإسلام عند الوزير - نظام الملك - وكان أصحابه كلفوه الخروج إليه وذلك بعد المحنة ورجوعه من أبي علي الحسن بن علي الطوسي بلخ فلما دخل عليه أكرمه وبجله وكان في العسكر أئمة ( من ) الفريقين فاتفقوا جميعا على أن يسألوه عن مسألة بين يدي الوزير يعنتونه بها فإن أجاب بما يجيب بهراة سقط من عين الوزير وإن لم يجب سقط من عيون أصحابه وأهل مذهبه ، فلما دخل واستقر به المجلس انتدب له رجل من الجماعة فقال : يأذن الشيخ الإمام في أن أسأل مسألة فقال : سل ، فقال : لم تلعن ؟ فسكت وأطرق الوزير لما علم من جوابه فلما كان بعد ساعة قال له الوزير : أجبه فقال : أنا لا ألعن الأشعري وإنما ألعن أبا الحسن الأشعري وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليوم نبي ثم قام وانصرف فلم يكن أحد أن يتكلم بكلمة من هيبته وصولته وصلابته . فقال الوزير للسائل ومن معه : هذا أردتم ، كنا نسمع أنه يذكر هذا بهراة فاجتهدتم حتى سمعناه بآذاننا وما عسى أن أفعل به ، ثم بعث خلفه خلعا وصلة فلم يقبلها وخرج من فوره إلى هراة . وهذا القول في النبوة بناء على أصل الجهمية وأفراخهم : أن الروح عرض من أعراض البدن كالحياة وصفات الحي مشروطة بها فإذا زالت بالموت تبعتها صفاته فزالت بزوالها ، ولجأ متأخروهم من هذا الإلزام وفروا إلى القول بحياة الأنبياء عليهم السلام في قبورهم فجعلوا لهم معادا يختص بهم قبل المعاد الأكبر إذ لم [ ص: 187 ] يمكنهم التصريح بأنهم لم يذوقوا الموت . وقد أشبعنا الكلام على هذه المسألة واستيفاء الاحتجاج لهم وبيان ما في ذلك في كتاب الشافية والكافية في الانتصار للفرقة الناجية . من لم يعتقد أن الله في السماء وأن القرآن في المصحف