[ ص: 422 ] الفصل الثاني : حكم الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -  
اعلم أن  الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم      - فرض على الجملة ، غير محدد بوقت ، لأمر الله - تعالى - بالصلاة عليه ، وحمل الأئمة والعلماء له على الوجوب ، وأجمعوا عليه .  
وحكى   أبو جعفر الطبري  أن محمل الآية عنده على الندب ، وادعى فيه الإجماع ، ولعله فيما زاد على مرة ، والواجب منه الذي يسقط به الحرج ، ومأثم ترك الفرض مرة ، كالشهادة له بالنبوة ، وما عدا ذلك فمندوب مرغب فيه ، من سنن الإسلام ، وشعار أهله .  
قال  القاضي أبو الحسن بن القصار     : المشهور عن أصحابنا أن ذلك واجب في الجملة على الإنسان ، وفرض عليه أن يأتي بها مرة من دهره مع القدرة على ذلك .  
وقال  القاضي أبو بكر بن بكير     : افترض الله على خلقه أن يصلوا على نبيه ، ويسلموا تسليما ، ولم يجعل ذلك لوقت معلوم ، فالواجب أن يكثر المرء منها ، ولا يغفل عنها .  
قال  القاضي أبو محمد بن نصر     : الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - واجبة في الجملة .  
قال  القاضي أبو عبد الله بن محمد بن سعيد     : ذهب  مالك  ، وأصحابه ، وغيرهم من أهل العلم أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض بالجملة بعقد الإيمان لا يتعين في الصلاة ، وأن من صلى عليه مرة واحدة من عمره سقط الفرض عنه .  
وقال أصحاب   الشافعي     : الفرض منها الذي أمر الله - تعالى - به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - هو في الصلاة .  
وقالوا : وأما في غيرها فلا خلاف أنها غير واجبة .  
وأما في الصلاة فحكى  الإمامان أبو جعفر الطبري ، والطحاوي  ، وغيرهما إجماع جميع المتقدمين ، والمتأخرين من علماء الأمة على أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد غير واجبة .  
 [ ص: 423 ] وشذ   الشافعي  في ذلك ، فقال : من لم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - من بعد التشهد الآخر قبل السلام فصلاته فاسدة ، وإن صلى عليه قبل ذلك لم تجزه ، ولا سلف له في هذا القول ، ولا سنة يتبعها .  
وقد بالغ في إنكار هذه المسألة عليه لمخالفته فيها من تقدمه جماعة ، وشنعوا عليه الخلاف فيها ، منهم   الطبري  ،  والقشيري  ، وغير واحد .  
وقال   أبو بكر بن المنذر     : يستحب ألا يصلي أحد صلاة إلا صلى فيها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإن ترك ذلك فصلاته مجزئة في مذهب  مالك  ،  وأهل المدينة   ،   وسفيان الثوري  ،  وأهل الكوفة   من أصحاب الرأي ، وغيرهم . وهو قول جمل أهل العلم .  
وحكي عن  مالك  ،  وسفيان  أنها في التشهد الأخير مستحبة ، وأن تاركها في التشهد مسيء .  
وشذ   الشافعي  فأوجب على تاركها في الصلاة الإعادة ، وأوجب  إسحاق  الإعادة مع تعمد تركها دون النسيان .  
وحكى   أبو محمد بن أبي زيد  ،  عن   محمد بن المواز  أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فريضة     .  
قال  أبو محمد     : يريد ليست من فرائض الصلاة ، وقاله  محمد بن عبد الحكم  ، وغيره .  
وحكى  ابن القصار  ،  وعبد الوهاب  أن   محمد بن المواز  يراها فريضة في الصلاة كقول   الشافعي     .  
وحكى   أبو يعلى العبدي المالكي  عن المذهب فيها ثلاثة أقوال :  
الوجوب ، والسنة ، والندب .  
 [ ص: 424 ] وقد خالف  الخطابي  من أصحاب   الشافعي  ، وغيره   الشافعي  في هذه المسألة ،  
قال  الخطابي     : وليست بواجبة في الصلاة ، وهو قول جماعة الفقهاء إلا   الشافعي  ، ولا أعلم له فيها قدوة .  
والدليل على أنها ليست من فروض الصلاة عمل السلف الصالح قبل   الشافعي  ، وإجماعهم عليه .  
وقد شنع الناس عليه في هذه المسألة جدا .  
وهذا تشهد   ابن مسعود  الذي اختاره   الشافعي  ، وهو الذي علمه له النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ليس فيه الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكذلك كل من روى التشهد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ،   كأبي هريرة  ، ،   وابن عباس  ،  وجابر  ،   وابن عمر  ،   وأبي سعيد الخدري  ،   وأبي موسى الأشعري  ،   وعبد الله بن الزبير  لم يذكروا فيه صلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - .  
وقد قال   ابن عباس  ،  وجابر     :  كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن     .  
ونحوه عن  أبي سعيد     .  
وقال   ابن عمر     : كان  أبو بكر  يعلمنا التشهد على المنبر كما يعلمون الصبيان في الكتاب     .  
وعلمه أيضا على المنبر   عمر بن الخطاب     - رضي الله عنه - .  
وفي الحديث :  لا صلاة لمن لم يصل علي     .  
قال  ابن القصار     : معناه : كاملة ، أو لمن لم يصل علي مرة في عمره .  
وضعف أهل الحديث كلهم رواية هذا الحديث .  
وفي حديث  أبي جعفر  ، عن   ابن مسعود  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :  من صلى صلاة لم يصل فيها علي ، وعلى أهل بيتي لم تقبل منه     .  
 [ ص: 425 ] قال   الدارقطني     : الصواب أنه من قول   أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين     : لو صليت صلاة لم أصل فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا على أهل بيته لرأيت أنها لا تتم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					