الفصل الثامن والعشرون :
ومن دلائل نبوته ، وعلامات رسالته ما ترادفت به الأخبار عن الرهبان ، والأحبار ، وعلماء أهل الكتاب ، من صفته ، وصفة أمته ، واسمه ، وعلاماته ، وذكر الخاتم الذي بين كتفيه ، وما وجد من ذلك في أشعار الموحدين المتقدمين ، من شعر تبع ، أخباره - صلى الله عليه وسلم - والأوس بن حارثة ، وكعب بن لؤي ، وسفيان بن مجاشع ، وقس بن ساعدة .
وما ذكر عن سيف بن ذي يزن ، وغيرهم ، وما عرف به من أمره زيد بن عمرو بن نفيل ، وورقة بن نوفل ، وعثكلان الحميري ، وعلماء يهود ، وشامول عالمهم صاحب تبع من صفته ، وخبره .
وما ألفي من ذلك في التوراة ، والإنجيل مما قد جمعه العلماء ، وبينوه ، ونقله عنهما ثقاة من أسلم منهم ، مثل ابن سلام ، وبني سعية ، وابن [ ص: 349 ] يامين ، ومخيريق ، وكعب ، وأشباههم ممن أسلم من علماء يهود ، وبحيرا ، ونسطور الحبشة ، وصاحب بصرى ، وضغاطر ، وأسقف الشام ، والجارود ، وسلمان ، ، ونصارى والنجاشي الحبشة ، وأساقف نجران ، وغيرهم ممن أسلم من علماء النصارى .
وقد اعترف بذلك هرقل ، وصاحب رومة عالما النصارى ، ورئيساهم ، ومقوقس صاحب مصر ، والشيخ صاحبه ، وابن صوريا ، وابن أخطب ، وأخوه ، وكعب بن أسد ، والزبير بن باطيا ، وغيرهم من علماء اليهود ، ممن حمله الحسد ، والنفاسة على البقاء على الشقاء .
والأخبار في هذا كثيرة لا تنحصر .
وقد قرع أسماع اليهود ، والنصارى بما ذكر أنه في كتبهم من صفته ، وصفة أصحابه ، واحتج عليهم بما انطوت عليه من ذلك صحفهم ، وذمهم بتحريف ذلك ، وكتمانه وليهم ألسنتهم ببيان أمره ، ودعوتهم إلى المباهلة على الكاذب ، فما منهم إلا من نفر عن معارضته ، وإبداء ما ألزمهم من كتبهم إظهاره .
ولو وجدوا خلاف قوله لكان إظهاره أهون عليهم [ ص: 350 ] من بذل النفوس ، والأموال ، وتخريب الديار ، ونبذ القتال ، وقد قال لهم : حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين [ آل عمران : 93 ]
إلى ما أنذر به الكهان مثل شافع بن كليب ، وشق ، وسطيح ، وسواد بن قارب ، وخنافر ، وأفعى نجران ، وجذل بن جذل الكندي ، وابن خلصة الدوسي ، وسعد بن بنت كريز ، وفاطمة بنت النعمان ، ومن لا ينعد كثرة .
إلى ما ظهر على ألسنة الأصنام من نبوته ، وحلول وقت رسالته ، وسمع من هواتف الجان ومن ذبائح النصب ، وأجواف الصور ، وما وجد من اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والشهادة له بالرسالة مكتوبا في الحجارة ، والقبور بالخط القديم ما أكثره مشهور ، وإسلام من أسلم بسبب ذلك معلوم مذكور .