الفصل السابع فيما أخبر الله - تعالى - به في كتابه العزيز من عظيم قدره ، وشريف منزلته على الأنبياء ، وحظوة رتبته عليهم
قال الله - تعالى - : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة [ آل عمران : 81 ] . [ ص: 140 ] - إلى قوله - : من الشاهدين [ آل عمران : 81 ] قال : أبو الحسن القابسي محمدا - صلى الله عليه وسلم - بفضل لم يؤته غيره ، أبانه به ، وهو ما ذكره في هذه الآية ، قال المفسرون : أخذ الله الميثاق بالوحي ، فلم يبعث نبيا إلا ذكر له استخص الله - تعالى - محمدا ، ونعته ، وأخذ عليه ميثاقه إن أدركه ليؤمنن به ، وقيل : أن يبينه لقومه ، ويأخذ ميثاقهم أن يبينوه لمن بعدهم ، وقوله : ثم جاءكم : الخطاب لأهل الكتاب المعاصرين لمحمد - صلى الله عليه وسلم - . قال - رضي الله عنه - : لم يبعث الله نبيا من علي بن أبي طالب آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمد - صلى الله عليه وسلم - : لئن بعث ، وهو حي ليؤمنن به ، ولينصرنه ، ويأخذ العهد بذلك على قومه ، ونحوه عن ، السدي وقتادة في آي تضمنت فضله من غير وجه واحد . قال الله - تعالى - : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح [ الأحزاب : 7 ] الآية ، وقال - تعالى - : إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح إلى قوله تعالى : شهيدا [ النساء : 163 ] .
روي عن - رضي الله عنه - أنه قال في كلام بكى به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال بأبي أنت ، وأمي يا رسول الله ! لقد بلغ من فضيلتك عند الله أن بعثك آخر الأنبياء ، وذكرك في أولهم ، فقال : عمر بن الخطاب وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح [ الأحزاب : 7 ] الآية . بأبي أنت ، وأمي يا رسول الله ! لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودون أن يكونوا أطاعوك ، وهم بين أطباقها يعذبون يقولون : ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول
قال قتادة : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : كنت أول الأنبياء في الخلق ، وآخرهم في البعث . فلذلك [ ص: 141 ] وقع ذكره مقدما هنا قبل نوح ، وغيره .
قال السمرقندي : في هذا - لتخصيصه بالذكر قبلهم ، وهو آخرهم . المعنى : أخذ الله - تعالى - عليهم الميثاق ، إذ أخرجهم من ظهر تفضيل نبينا - صلى الله عليه وسلم آدم كالذر ، وقال - تعالى - : تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض [ البقرة : 253 ] الآية .
قال أهل التفسير : أراد بقوله : ورفع بعضهم درجات محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، لأنه ، بعث إلى الأحمر ، والأسود ، وظهرت على يديه المعجزات ، وليس أحد من الأنبياء أعطي فضيلة أو كرامة إلا وقد أعطي وأحلت له الغنائم محمد - صلى الله عليه وسلم - مثلها .
قال بعضهم : ومن فضله أن ، فقال : الله - تعالى - خاطب الأنبياء بأسمائهم ، وخاطبه بالنبوة ، والرسالة في كتابه ياأيها النبي اتق [ الأحزاب : 1 ] و ياأيها الرسول [ المائدة : 67 ] ، وحكى السمرقندي عن الكلبي في قوله - تعالى - : وإن من شيعته لإبراهيم [ الصافات : 83 ] إن الهاء عائدة على محمد - صلى الله عليه وسلم - ، أي إن من شيعة محمد لإبراهيم ، أي على دينه ، ومنهاجه ، وأجازه الفراء ، وحكاه عنه ، وقيل : المراد مكي نوح - عليه السلام - .