فصل
قال وأما : فأن يقف مع كل خطوة . ثم أن يغيب عن حضوره بالصفاء من رسمه . ثم أن يذهب عن شهود صفو صفوه . رعاية الأوقات الدرجة الثالثة من درجات الرعاية
أي يقف مع حركة ظاهره وباطنه بمقدار تصحيحها نية وقصدا وإخلاصا ومتابعة ، فلا يخطو هجما وهمجا ، بل يقف قبل الخطو حتى يصحح الخطوة ، ثم ينقل قدم عزمه . فإذا صحت له ونقل قدمه انفصل عنها . وقد صحت الغيبة عن شهودها ورؤيتها . فيغيب عن شهود تقدمه بنفسه . فإن رسمه هو نفسه . فإذا غاب عن شهود نفسه وتقدمه بها في كل خطوة . فذلك عين الصفاء من رسمه الذي هو نفسه . فعند ذلك يشاهد فضل ربه .
ولما كانت النفس محل الأكدار . سمي انفصاله عنها صفاء . وهذه الأمور تستدعي لطف إدراك ، واستعدادا من العبد . وذلك عين المنة عليه .
وأما ذهابه عن شهود صفوه أي لا يستحضره في قلبه . ويشهد ذلك الصفو المطلوب . ويقف عنده . فإن ذلك من بقايا النفس وأحكامها ، وهو كدر . فإذا تخلص من الكدر لا ينبغي له الالتفات والرجوع إليه . فيصفو من الرسم . ويغيب عن الصفو بمشاهدة المطلب الأعلى . والمقصد الأسنى .